بسم الله الرحمة الرحيم
من آدم أبو البشر الى النبي يوسف عليهم السلام
أدم أبو البشر عليه السلام
نوح صاحب الطوفان عليه السلام
إبراهيم خليل ألله عليه السلام
إسحاق وريث إبراهيم عليهم السلام
إسماعيل صادق الوعد عليه السلام
يعقوب صاحب العلم عليه السلام
يوسف حاكم مصر عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم
1
قصة خلقُ ألله السماوات والأرض وما فيهن- بداية الكون
في البداية خلق الله عزوجل السماوات والأرض. وكانت الأرض بلا شكل وخالية، والظلام يُغطي المياه العميقة، وروح الله يرفرف على سطح المياه. فقال الله ليكون نور فصار نور ورأى الله أن النور زين. ففصل الله بين النور وبين الظلام. وسمّى الله النور نهار، وسمّى الظلام ليل. وراح الليل وجاء بعده الصبح. هذا هو اليوم الأول. وقال الله، ليكن هُناك جو في السماء ليفصل بين مياة ومياة. فصنع الله جو في السماء، وفصل المياه إلي تحتها عن المياه إلي فوقها، فكان كما قال. فسمّاه الله جو السماء. وراح اليل وجاء بعده الصبح. وهذا اليوم الثاني. وقال الله، لتجتمع المياه إلي تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة، فكان كما قال. وسمّى الله اليابسة أرض، والمياه المجتمعة سمّاها بحار. ورأى الله أن هذا زين. بعدين قال الله، لتُنبت الأرض خضرة، نبات وشجر على الأرض له ثمر حسب أنواعه المختلفة، فكان كما قال. فأخرجت الأرض خضرة، نبات يحمل ثمر حسب أنواعه، وشجر يحمل ثمر حسب أنواعه. ورأى الله أن هذا زين. وراح اليل وجاء بعده الصبح. هذا هو اليوم الثالث. وقال الله، لتكن نجوم في جو السماء لتفصل بين النهار واليل، وتكون بمثابة علامات تحدّد الفصول والأيام والسنين. ولتكون أيضاً نجوم مضيئة في جو السماء لتضيء الأرض، فكان كما قال. فخلق الله نورين عظيمين، وهم الشمس وقمر. النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم اليل. ووضعها الله في جو السماء لتُضيء الأرض، ولتحكم النهار واليل وتفصل بين النور والظلام. ورأى الله أن هذا زين. وراح اليل وجاء بعده الصبح. هذا هو اليوم الرابع. وقال الله، لتمتلئ المياه بالكائنات الحية، ولتكن في الأرض طيور تطير في جو السماء. فخلق الله الكائنات البحرية الضخمة، وكل الكائنات الحيّة المتحركة إلي إمتلأت بها المياه، حسب أنواعها، وأيضاً الطيور التي لها أجنحة، حسب أنواعها. ورأى الله أن هذا زين. فباركها الله وقال، تناسلي وكثري وإملإي مياه البحار ولتكثر الطيور في الأرض. وراح اليل وجاء بعده الصبح. هذا هو اليوم الخامس. وقال الله، لتُخرج الأرض كائنات حيّة حسب أنواعها. من بهائم وزواحف ووحوش حسب أنواعها. فكان كما قال. فخلق الله الوحوش والبهائم والزواحف، حسب أنواعها. ورأى الله أن هذا زين. بعدين قال الله، لنصنع الإنسان ليُعبّر عنّا وعن صفاتنا. فيتسلّط على سمك البحر وعلى طيور السماء وعلى البهائم وعلى الزواحف وعلى كل الأرض. فخلق الله الإنسان ليُعبّر عنّه، فخلقهم ذكر وأنثى. وباركهم الله، وقال لهم، تناسلو وأكثرو واملأو الأرض وأخضعوها. وتسلّطوا على سمك البحر، وعلى طيور السماء، وعلى كل كائن حي يتحرك فيها. بعدين قال الله، أنا أعطيتكم كل نبات يحمل بذور على سطح الأرض، وكل شجرة تحمل ثمر فيه بذور، ليكون طعام لكم. ولجميع وحوش الأرض، وكل طيور السماء، وكل الكائنات إلي تتحرك على الأرض، كل ما فيه نفس حية، أعطيتها كل نبات أخضر طعام. فكان كما قال. ورأى الله أن كل ما عمله زين زين. وراح اليل وجاء بعده الصبح. هذا هو اليوم السادس.
2
قصّة خلق آدم عليه السلام
وهكذا أكمل الله القدير خلقُ السماوات والأرض وكل ما فيهن في ستّة أيام. وبارك الله اليوم السابع، وجعله يوم مخصصاً له. هذه هي قصّة خلقُ السماوات والأرض لما صنعها ألله عزوجل. وقبل هذا، ما كان نبت في الأرض شجر ولا عشب، لأن الله القدير ما نزّل مطر على الأرض، وما كان هُناك إنسان ليزرعها. إنما كان الضباب يتصاعد من الأرض، فيُسقي كل سطحها. وخلق الله الإنسان من تراب الأرض، ونفخ فيه من روحه، فصار الإنسان كائناً حيا. وغرس الله القدير جنّة عدن في الشرق، وأدخل فيها الإنسان إلي خلقه. وجعل الله القدير كل أنواع الشجر تنمو من الأرض، أشجار شكلها زين وأشجار أكلها طيّب. وفي وسط الجنّة شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يجري من عدن. فيُسقي الجنّة ويتفرّع إلى أربعة أنهار. إسم الأول فيشون، وهو يُحيّط بكل أرض حويلة في الجزيرة العربية. وذهب ذيك الأرض ثمين. وفيها أيضاً عطر البخور الزين والحجارة الكريمة. وإسم النهر الثاني جيحون، وهو يحيّط بمملكة نوبيا في منطقة كوش، شمال أرض السودان. وإسم الثالث دجلة، وهو يجري شرق مملكة أشور. والنهر الرابع هو الفرات. وأخذ الله الحى الدايم الإنسان، وأدخله في جنّة عدن ليزرعها ويعتني بها. وأمر الله الحى الدايم الإنسان، وقال: "يا أدم، كل شجرة في الجنّة علشانك. مُمكن تأكل من أي جشرة فيها، إلا شجرة وحدة، وهي شجرة معرفة الخير والشر. لإنك إذا أكلت منها، فإنك موتاً تموت."
خلق ألله حواء من ضلع آدم
وقال الله الحى الدايم، "ما هو زين أن يكون الإنسان وحده. فأصنع له إنسان مُساعد ومُناسب له." وأحضر الله القدير من الأرض كل الوحوش، وكل طيور السماء الى آدم ليشوف آه يسمّيها. فالإسم إلي قال له آدم على كل كائن حي، صار هو إسم ذلك الكائن. فسمّى آدم جميع إسماء كل البهائم وطيور السماء والوحوش، أما آدم ما حصّل مُعين مُناسب له. وأدخل الله أدم في نوم عميق. وعندما كان آدم نيم، أخذ ألله القدير ضلع من أضلاعه، وطرح مكانه لحم. بعدين خلق من هذا الضلع إمرأة، وجابها إلى آدم. فقال آدم: "هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي. فهي إسمها إمرأة لأنها منّي أُخذت." لهذا السبب، يترك الرجل أباه وأُمّه، ويتزوج بإمرأته، فيصير الإثنين واحد. وكان آدم وإمرأته عريانين، ولكنهم ما يستحون من هذا.
3
خروج الإنسان من الجنان
وكان الشيطان في صورة حنش، هو أمكر وأخبث الوحوش إلي صنعها الله القدير. فقالت الحنش للمرأة: "حقيقي قال الله لا تأكلون من أي شجرة في الجنّة؟" فقالت المرأة للحنش: "مُمكن نأكل من ثمر شجر الجنّة. أما الشجرة إلي وسط الجنّة، فالله القدير قال لنا: لا تأكلون منها ولا تلمسونها. ولا باتموتون." فقالت الحنش للمرأة: "مُستحل تموتون إذا كليتو منها. ولكن الله يعرف، يوم تأكلون منها، بتنفتح عيونكم. بعدين باتكونون كما الله القدير تعرفون الخير والشر. لذا سبب منعكم منها." فتشوّفت المرأة إلى الشجرة، فشافت أن ثمرها زين للأكل، وشهي للعين ولأنه يُعطي المعرفة. فشلّت منه وكلت، وأعطت آدم منه أيضاً. فأكل معها. فانفتحت عيونهم، وعرفو أنهم عرايا. فغطّو انفسهم بورق التين، وعملو منها ثياب لهم. وفي وقت هبوب نسيم العشية، سمع آدم وامرأته صوت وجود الله القدير في الجنّة، فتخبّو من الله بين الشجر. فنادى الله آدم وقال: "أين أنت، يا آدم؟" والله العليم يعرف مكانه. فقال آدم: "سمعت صوتك في الجنّة، فخفت وتخبّيت لأننا عريان." فقال له عزوجل: "من عرّفك إنك عريان؟ هل كلت من الشجرة إلي قلت لك لا تأكل منها؟" وألله القدير يعرف إنه أكل منها. فقال آدم: "المرأة إلي جبتها عندي، هي أعطتنا من ثمر ذيك الشجرة، فأكلت." فقال الله القدير للمرأة: "أه لقّيتي؟" فقالت المرأة: "الحنش غرّتني، فأكلت من الشجرة." فقال الله القدير للحنش: "لإنك لقيتِ كذا، ملعونة أنتِ من بين كل الحيوانات الأليفة والمتوحشة. على بطنكِ باتزحفين، وطول عمركِ باتأكلين طين. بعمل عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين عيالكِ وعيالها. هو يسحق رأسكِ، وأنتِ تقبصن عرقوبه." بعدين قال للمرأة: "باخليكِ تتألمين وايد في الحمل، وتتوجّعين في ولادة الأولاد. إلى زوجكِ باتشتاقين، وبايكون مُسيطر عليكِ." وقال لآدم: "يا أدم، لإنك أطعت كلام زوجتك وما أطعت كلامي، وأكلت من الشجرة إلي قلت لك لا تأكل منها، ألأرض ملعونة بسببك. بالمشقّة والتعب باتأكل منها طول عمرك، وتنبت لك شوك. من نبات المزرع تأكل وبعرق جبينك تكسب رزقك، لمان ترجع إلى الأرض الي شلّيتك منها، لإنك من تراب وإلى التراب تعود." وسمّى آدم زوجته حواء، لأنها أُم كل حي. وصنع الله القدير لآدم وإمرأته ثوبين من جلد وألبسهم، وقال: "ذلحين، صار آدم كواحد منّا يعرف الخير والشر. يُمكن يمد يده إلى شجرة الحياة أيضاً، فيأكل منها فيحيى إلى الأبد." فطرده الله القدير من جنّة عدن ليزرع الأرض إلي خُلق منها. وبعدما أخرجه، طرحه شرق جنّة عدن ليسكن هناك. وأيضاً طرح ملائكة مُقرّبين وسيف يدور ويبرق لحراسة الطريق إلى شجرة الحياة.
4
قابل يقتل أخوه هابيل
وجامع النبي آدم زوجته حواء، فحبلت وولدت له ولد إسمه قابيل وقالت: "بِمساعدة الله، معي ولد." وبعد ذا ولدت أخوه هابيل. وكان هابيل راعي غنم، أما قابيل فكان يعمل في زراعة الأرض. وفي يوم من الأيام، قدّم قابيل لله عزوجل قربان من ثمار الأرض. لكن هابيل قدّم أفضل ما عنده من الغنم، فرضي الله وقبل هابيل وقربانه. لكنه ما رضي عن قابيل وقربانه. فغضب قابيل وايد، وكان وجهه معبّس. فقال الله القدير، "يا قابيل، ليه غضبت؟ ليه وجهك كذا معبّس؟ إذا عملت عمل زين، بايشرق وجهك. وإذا عملت سؤا، فذنبك عند الباب ليهجم عليك ويتحكّم فيك، فلا تخلّيه يُسيطر عليك." بعد ذا، قال قابيل لأخوه هابيل: "يا هابيل، تعال بانخرج بانتمشّى." ولما كانو يتمشّون، هجم قابيل على أخوه هابيل، فقتله. فقال الله القدير، "يا قابيل، فين أخوك هابيل؟" فقال: "ما ناعارف. ليه أنا حارس عند أخوي؟" فقال له الله الحي الدايم: "آه لقّيت يا قابيل؟ دم أخوك يصيح إليّ من الأرض. من ذلحين أنته ملعون وتكون مُطارد من الأرض. إلي فتحت إثمها لدم أخوك إلي سفكته أنته بيدك. وإذا زرعت الأرض، الأرض ما باتعطيك ثمر. وتكون تايه ومُشرّد في الدنياء." فقال قابيل، "يا ربي، عقابي كبير ما بقدر نحمله. أنته اليوم تطردنا من الأرض. أنا بتخبّى منّك وباكون تايه ومُشرد في الدنياء. فأي واحد يشوفنا، بايقتلنا." فقال له الله العظيم: "لا، ولكن من يقتلك، باعاقبه بسبعة أضعاف عقابك." وعمل الله القدير علامة على قابيل علشان من يشوفه ما يقتله. فخرج قابيل من رحمة الله، وسكن في أرض نود شرق عدن. وبعدين جامع قابيل زوجته، فحبلت وولدت له حنوك. وكان قابيل وقتها يبني مدينة، فسمّاها حنوك على إسم ولده. وحنوك ولد له عيراد، وعيراد ولد له محويل، ومحويل ولد له مُتوشالح، ومُتوشالح ولد له لامك. وتزوج لامك بإمرأتين. واحدة إسمها عأيده والثانية إسمها صِلة. وولدت حرمته عايده بيابال، وهو أول واحد سكن الخيام ورعى المواشي. وإسم أخوه يوبال، وهو أول واحد عزف على العود والمزمار. وولدت صلة حرمته الثانية بولد. إسمه توبال قابيل، وهو أول واحد صنع آلات النحاس والحديد، وأُخته إسمها نعمة. وقال لامك لحريمه الثنتين: "يا عايده ويا صلة، إسمعنا يا حريم لامك، أنتبهن لكلامي. أنا قتلت رجل شباب لأنه ضربنا وجرحنا. فإذا كان الله ينتقم لمن يقتل قابيل بسبعة أضعاف، فإنه ينتقم لمن يقتل لامك بسبعة وسبعين ضعف، ولا يخاف حكم ألله. وبعدين جامع آدم حواء أيضاً فولدت له ولد، وسمّته شيث، وقالت: "أعطاني الله ولد ثاني بدل هابيل إلي قتله أخوه قابيل." وولد لشيث إبن، فسمّاه أنوش. في ذا الوقت بدؤ الناس يدعون بإسم الله الحي الدايم.
5
سجل أولاد آدم أبو البشر أجمعين
هذا سجل مواليد آدم أبو البشر. يوم خلق الله القدير الإنسان، خلقه ليعبّر عنه. وخلقهم ذكر وأنثى. ويوم خلقه، باركه وسمّاه آدم. وعندما كان عُمر آدم مئة وثلاثين سنة، ولد له ولد يشبهه كل الشبه، فسمّاه شيث. وعاش آدم بعد ولادة شيث ثمان مئة سنة، ولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر آدم تسع مئة وثلاثين سنة ومات. ولما كان عُمر شيث مئة وخمس سنين، ولد له أنوش. وعاش شيث بعد ذا ثمان مئة وسبع سنين، ولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر شيث تسع مئة واثنتي عشرة سنة، ومات. ولما كان عُمر أنوش تسعين سنة، ولد له قينان. وعاش أنوش بعد ذا ثمان مئة وخمس عشرة سنة، ولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر أنوش تسع مئة وخمس سنين، ومات. ولما كان عُمر قينان سبعين سنة، ولد له مهللئيل. وعاش قينان بعد ذا ثمان مئة وأربعين سنة، ولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر قينان تسع مئة وعشر سنين، ومات. ولما كان عُمر مهللئيل خمسة وستين سنة، ولد له يارد. وعاش مهللئيل بعد ذا ثمان مئة وثلاثين سنة، ولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عمر مهللئيل ثمان مئة وخمسة وتسعين سنة، ومات. ولما كان عُمر يارد مئة واثنتين وستين سنة، ولد له إدريس. وعاش يارد بعد ذا ثمان مئة سنة، ولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر يارد تسع مئة واثنتين وستين سنة، ومات. ولما كان عُمر إدريس خمسة وستين سنة، ولد له مُتوشالح. وعاش إدريس بعد ذا ثلاث مئة سنة مشى في طريق الله القدير، وولد له أولاد وبنات. فكان عُمر إدريس ثلاث مئة وخمس وستين سنة. ومشى إدريس في طريق الله، بعدين إختفى لأن الله رفعه. ولما كان عُمر مُتوشالح مئة وسبعة وثمانين سنة، وولد له لامك. وعاش مُتوشالح بعد ذا سبع مئة واثنتين وثمانين سنة، وولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر مُتوشالح تسع مئة وتسعة وستين سنة، ومات. ولما كان عُمر لامك مئة واثنتين وثمانين سنة، ولد له ولد. فسمّاه نوح، وقال: "ذا بايعزّينا في تعبنا وفي المشقّات، إلي نعانيها في الأرض إلي لعنها الله." وعاش لامك بعد ولادة نوح خمس مئة وخمسة وتسعين سنة، وولد له أولاد ثانيين وبنات. فكان عُمر لامك سبع مئة وسبعة وسبعين سنة، ومات. ولما كان عُمر نوح خمس مئة سنة، ولد له سام وحام ويافث.
6
قصة نبي ألله نوح عليه السلام
تكاثر ألناس في الأرض
ولما بدأ الناس يتكاثرون على وجه الأرض، كان هناك مُحاربون أقوياء أشداء. فشافو أن بنات الناس العاديين زيان جداً، فشلّوهن زوجات لهم كما بغو، وما أطاعو كلام ألله الحي الدايم. فقال الله عزوجل: "روحي ما باتدوم في إنسان إلى الأبد لأنه بشر، ومن ذلحين ما بايعيش الإنسان أكثر من مئة وعشرين سنة." فلما رأى الله أن شر الإنسان زاد عن حدّه في الأرض، وأن كل أفكار قلبه دائما شريرة، إستاء لأنه خلق الإنسان على الأرض. فقال الله عزوجل: "سأُبيد الإنسان من وجه الأرض مع الحيوانات والزواحف وطيور السماء، لأننا إستائت منه كثير كثير." أما نوح عليه السلام، فرضي ألله القدير عنه وصطفاه.
قصة نبي ألله نوح عليه السلام
كان نوح عليه السلام إنسان صالح وكامل من بين أهل جيله، وسار في طريق ألله الحي الدايم. وولد له ثلاثة أولاد. وهم سام وحام ويافث. وأصبحت الدنياء فاسدة في نظر الله العلي ومليانه بالظلم. فقال ألله القدير لنوح عليه السلام: "يا نوح، باهلك كل البشر على سطح الأرض، بسببهم إمتلأت الدنياء بالظلم. بابيدهم وبابيد الأرض معهم. فصنع لنفسك سفينة من خشب زين وعمل فيها غرف ورشّها بدّامر من الداخل والخارج. ويكون طول هذه السفينة مئة وخمسين متر وعرضها يكون خمسة وعشرين متر وإرتفاعها يكون خمسة عشر متر. وعمل فيها خلفه يكون علوّها على مسافة نص متر من السقف، وعمل باب في جنبها. وتكون السفينة ثلاثة طوابق: الطابق التحتي والأوسطي والفوقي، لأننا با نزل مياه الطوفان على الأرض لأبيد كل كائن حي يعيش تحت السماء. ولكننا با وعدك إننا با أعمل عهدي معك. فدُخل السفينة أنته وأولادك وزوجتك، وزوجات أولادك معك. وخذ معك أيضاً في السفينة إثنين من كل الحيوانات، ذكر وأنثى. وشل طعام وأكل وخزّنه في السفينة، ليكون أكل لك وللحيوانات." فأطاع نوح عليه السلام كلام ألله عزوجل.
7
نزول الطوفان
وبعدما كمّل النبي نوح عليه السلام صنع السفينة، قال له الله العظيم: "يا نوح، إدخل السفينة أنته وكل أهلك، لإننا حصّلتك إنته وحدك صالح في ذا الجيل. خُذ معك من الحيوانات الطاهرة سبعة ذكور وسبع إناث. أما الحيوانات غير الطاهرة، فتأخذ إثنين من كل نوع منها، ذكر وأنثى، لأننا بعد سبعة أيام بنزّل مطر على الأرض تدوم أربعين يوم ليل ونهار، بابيد كل كائن حي." فأطاع النبي نوح عليه السلام كلام الله عزوجل. وكان عُمر نوح عليه السلام ست مئة سنة لما نزل الطوفان. فدخل النبي نوح عليه السلام السفينة هو وأهله وكل الحيوانات. بعدين قفّل الله عزوجل باب السفينة عليهم. ففي اليوم السابع عشر من الشهر الثاني، في سنة ست مئة من عُمر نوح عليه السلام، إنفجرت ينابيع المياه العميقة، وإنفتحت أبواب السماء بماء مُنهمر. ونزل الطوفان على الأرض ليل نهار مدّة أربعين يوم وليلة. وإستمر الطوفان ينزل على الأرض أربعين يوم، فرفعت المياه الغزيرة السفينة فوق الأرض. فكانت السفينة تطفو على سطح المياه الغزيرة، وهي تنزل على الأرض. وزادت المياه أكثر وأكثر، حتى غطّت كل الجبال العالية. فاستمرّت المياه تنزل، فرتفعت سبعة أمتار فوق أعلى الجبال الأرض. فأُهلك كل كائن حي، سواء كان من الناس أو الحيوانات أو الزواحف أو طيور السماء، كلها أُُبيدت من وجه الأرض. وماحد بقى عايش غير نوح عليه السلام وإلي معه في السفينة. فغطّت المياه الأرض مدّة مئة وخمسين يوم.
8
ألله يرحم النبي نوح ويخرّجه من السفينة
ورحم الله القدير النبي نوح وما نساه، وكل من كان معه في السفينة. فأرسل ألله عزوجل رياح قوية على الأرض، فبداء ينزل مستوى الماء. وأُُغلقت ينابيع المياه العميقة وأبواب السماء، فتوقّف الطوفان النازل. فكانت المياه تنقص عن وجه الأرض شويه شويه. فبعد خمسة شهور، إنخفضت المياه. وبعد سبعة شهور ونص، إستقرّت السفينة على جبال أراراط تركيا. وإستمرّت المياه تنقص أكثر. وفي اليوم الأول من الشهر العاشر، إنخفضت المياه سبعه أمتار، فظهرت قمم الجبال. وبعد أربعين يوم، فتح نوح عليه السلام الخلفه، وأرسل غراب، فتمّى يحوم فوق السفينة لمان جفّت المياه. بعدين، أرسل النبي نوح حمامة ليشوف إن كانت المياه جفّت عن سطح الأرض ولالا. فما حصّلت الحمامة مكان تستقر عليه، لأن المياه عادها تغطّي كل الأرض. فرجعت إلى النبي نوح عليه السلام في السفينة، فمد يده وأمسكها وأدخلها السفينة. وإنتظر سبعة أيام، وأرسل الحمامة مرّة ثانية. فرجعت له عند الوقت المغرب تحمل في منقارها ورقة زيتون قُطفت اليوم. فعرف النبي نوح عليه السلام أن المياه جفّت عن سطح الأرض. وأيضاً إنتظر سبعة أيام أُخرى. بعدين أرسل الحمامة مرّة ثانية، فما رجعت له هذه المرّة. وفي اليوم الأول من الشهر الأول، من سنة ست مئة وواحد من عُمر نوح عليه السلام، بدأت المياه تجف تماماً عن سطح الأرض. ففتح النبي نوح عليه السلام خلفة السفينة، فشاف الأرض بدات تجف. وفي اليوم السابع والعشرين من الشهر الثاني، كانت الأرض قد جفّت تماماً تماماً. وكلّم الله عزوجل نوح عليه السلام وقال، "يا نوح، أُخرج من السفينة، أنته وزوجتك، وأولادك وزوجات أولادك. وخرّج كل الكائنات الحيّة لتتوالد في الأرض، وتكثر وتزيد." فخرج النبي نوح عليه السلام وكل من كان معه في السفينة، وبنى مكان لتقديم القربان لله العظيم. وشلّ بعض من الحيوانات والطيور الطاهرة، وقدّمها أضحية لله عزوجل الحي الدايم على مكان القربان. فقبلها الله سبحانه وتعالى برضى، وقال في نفسه: "ما بلعن الأرض مرّة ثانية بسبب الإنسان، برغم أن قلبه يميل لشّر من طفولته، ولا باهلك الكائنات كما أهلكتها ذي مرّة. ما دامت الأرض مكانها، فأنه يكون موسم زرع وحصاد، برد وحر، صيف وشتاء، نهار وليل، ما يتغير."
9
عهد ألله مع النسان بعد الطوفان
بعدما قال ألله عزوجل في نفسه، "ما باهلك الأرض مرّة ثانية بسبب الإنسان"، بارك الله عزوجل نوح عليه السلام وأولاده وقال لهم، "تناسلو وتكاثرو واملأو الأرض. حيوانات الأرض، تخافكم وتخضع لكم. ويكون كل حي يتحرّك طعام لكم. فكما أعطيتكم النبات الأخضر طعام، الآن باعطيكم كل شيء ولكن لا تأكلون اللحم بدمّه فيه. أما دمكم أنتو فإننا باحاسب عليه كل حيوان، وكل إنسان أيضاً باحاسبه على حياة أخوه الإنسان من يسفك دم إنسان، يُسفك دمه، لأن الله عزوجل خلق الإنسان ليعبّر عنه. أما أنتو، فتكاثرو وتوالدو في الأرض وعشو فيها. أنا ذلحين بأعمل عهدي معكم ومع نسلكم من بعدكم، ومع كل كائن حي من طيور وبهائم وكل الوحوش، كل من خرج من السفينة. باعمل عهدي معكم علشان ما تُبيد مياه الطوفان كل حي، وما بايكون على الأرض طوفان مرّة ثانية." وقال الله العلي: "وهذه علامة العهد، إلي باعمله بيني وبينكم، وبين كل كائن حي معكم في كل الأجيال. باطرح قوس قزح في السحاب، فيكون علامة العهد مع الأرض. كل مرّة يظهر قوس قزح، باحفظ عهدي معكم ومع كل كائن الحي. فما تتحوّل المياه إلى طوفان يُبيد كل شي. هذه علامة العهد إلي عملتها الى الأبد."
دعوة النبي نوح على كنعان
هذيلا هم أولاد النبي نوح إلي خرجو من السفينة: سام وحام ويافث. وحام، هو أبو كنعان. فهم أولاد النبي نوح الثلاثة، ونسلهم إنتشر في جميع أنحاء الأرض، فسُمّي نوح عليه السلام أبو بشر الثاني. وإشتغل النبي نوح فلاح، وزرع عنب. بعدما شرب منه، دخل الى خيمته ونام، فانكشفت عورته. فشاف حام عورة أبوه، فخرج وقال لأخوانه. فشل سام ويافث غطى وطرحوه على أكتافهم. ودخلو الخيمة وهم يمشون على وراء. وسترو عورة أبوهم. وكانت وجههم مُتّجه إلى الناحية الثانية علشان ما يشوفون عورة أبوهم. ولما قام النبي نوح عليه السلام من النوم، وعرف آه عمل إبنه الصغير، قال: "ملعونة قبيلة كنعان لتكون عبيد لعبيد أخوانه. تبارك ألله الحي الدايم إله سام لتكن قبائل كنعان عبيد لهم، ليوسّع الله حدود قبائل يافث وليسكنو بسلام مع قبائل سام، ولتكن كنعان عبيد لهم." وعاش النبي نوح عليه السلام بعد الطوفان ثلاث مئة وخمسين سنة، وكان عُمره تسع مئة وخمسين سنة، بعدين مات.
10
سجل أولاد النبي نوح
سجل أولاد يافث إبن النبي نوح
وبعد الطوفان، تكاثر أولاد نوح عليه السلام من سام وحام ويافث. وذا سجل مواليدهم. أولاد يافث سبعة، وهم جُومر وماجوج وماداي وياوان، وتوبال وماشك وتيراس. وأولاد جُومر بكر يافث ثلاثة، وهم أشكناز وريفاث وتوجرمة. أولاد ياوان بن يافث أربعة، وهم أليشة وترشيش وكتيم ورودانيم. ويتفرّع من هؤلاء سكّان الشواطئ والجزر في أراضهم حسب قبائلهم وأقوامهم ولغاتهم.
سجل أولاد حام إبن النبي نوح
وأولاد حام أربعة، وهم كوش ومصر وفوط وكنعان. وأولاد كوش بكر حام خمسة، وهم سبا وحويلة وسبتة ورعمة وسبتكا. وأولاد رعمة بن كوش بن حام إثنين، وهم شبا وددان. وكوش بن حام ايضاً ولد له ألنمرود، فكان أول مُحارب باسل في الأرض. وكان أفضل صياد في الدنياء. لذا يقول المثل، "أفضل صياد في الأرض كنمرود." وايضاً قوّم مملكته من مدن بابل، وأرك وأكد وكلنة في الأرض البابلية. بعدين وسّع مملكته لمان أرض أشور في الشمال، وبنى نينوى المدينة المُربّعة وكالح ورسن، وهي مدينة عظيمة تقع بين نينوى وكالح. ومصر بن حام ولدت له سبع قبائل، وهم قبائل لود وعنام ولهاب ونفتوح، وفتروس وكسلوح وكفتور، وهو إلي خرج منه الفلسطين. وكنعان بن حام ولد له إثنين، وهم صيدون إبنه البكر وحثا. وكنعان أيضاً جد تسع قبائل، وه اليبوسيين والأموريين، والجرجاشيين والحويين والعرقيين والسينيين، والأرواديين والصماريين والحماثيين. من ذيلا إنتشرت قبائل الكنعانيين. فتوسّعت حدود كنعان، من صيدون في ساحل لبنان إلى غزّة ومدينة جرار في الجنوب، ومن الشرق مدن الوادي، سدوم وعمورة وأدمة وصبويم إلي هلكها ألله في ما بعد، إلى مدينة لاشع. كل ذيلا أولاد حام إبن النبي نوح حسب قبائلهم ولغاتهم وأراضهم وأقوامهم.
سجل أولاد سام إبن النبي نوح
ويخرج من سام حضرموت وهذا نسبه: حضرموت بن قحطان، بن عابر بن شالح بن ارفكشاذ، بن سام بن نوح عليه السلام. وسام بن نوح، هو أخو يافث الأكبر، وهو جد كل بني عابر. أولاد سام خمسة، وهم عيلام وأشور وأرفكشاذ ولود وأرام. أولاد أرام بن سام أربعة، وهم عوص وحول وجاثر وماش. وأرفكشاد بن سام ولد له شالح، وشالح ولد له عابر. وعابر ولد له ولدين. واحد إسمه فالق، لأن في أيامه إنقسمو أهل الأرض، والثاني إسمه قحطان. وقحطان بن عابر ولد له ثلاثة عشر ولد، وهم ألموداد وشالف وحضرموت، ويارح وهدورام وأوزال ودقلة، وعوبال وأبيمايل وشبا، وأوفير وحويلة ويوباب. كل ذيلا أولاد قحطان بن عابر بن سام بن نوح، سكنو أرض اليمن السعيدة في منطقة الجبال الشرقية، إلي تقع ما بين المخاء والشحر. كل ذيلا أولاد سام بن نوح حسب قبائلهم ولغاتهم وأراضهم وأقوامهم. فهذه هي قبائل أولاد نوح عليه السلام حسب سُلالاتهم وأقوامهم. ومنهم تفرّقت الأقوام في الأرض بعد الطوفان.
11
ألله يُبلبل لغة الناس ويُشتّتهم
وكان الناس كلهم يتكلمون لغة واحدة ويستعملون كلمات يعرفونها الجميع. فرحلو إلى الشرق. وعندما وصلو وادي شنعار في أرض بابل، إستقرّو هناك. فقال بعضهم لبعض، "قومو بانعمل مدر وبانحرقه بالنار." فعملو المدر بدل الحصاء، والدامر بدل الطين. بعدين قالو، "يا جماعة، بانبني لأنفسنا مدينة عظيمة وعمارة يصل طولها إلى السماء. بانعمل لأنفسنا إسم علشان ما نتشتّت في الأرض." فشاف ألله عزوجل المدينة والعمارة إلي يبنوهن الناس. فقال الله: "لأنهم قوم واحد ويتكلمون لغة وحدة، ما بايكون صعب عليهم عمل أي شيء ثاني ينوون عمله. فننزل وُنبلبل لغتهم علشان مايفهم بعضهم كلام بعض." فبلبل ألله سبحانه وتعالى لغتهم، وشتّتهم من أرض بابل الى كل الأرض. فتوقّفو من بناء المدينة والعمارة. لذا سُمّيت ذي الأرض أرض بابل لأن الله القدير بلبل لغة الناس كلهم هناك. ومن هُناك شتّتهم في جميع أنحاء الأرض.
سجل أولاد سام بن نوح
هذا سجل مواليد سام بن نوح. لما كان عُمر سام مئة سنة، ولد له أرفكشاد بعد الطوفان بسنتين. وعاش سام بعد ذا خمس مئة سنة وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر أرفكشاد خمسة وثلاثين سنة، ولد له شالح. وعاش أرفكشاد بعد ذا أربع مئة وثلاث سنين، وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر شالح ثلاثين سنة، ولد له عابر. وعاش شالح بعد ذا أربع مئة وثلاث سنين، وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر عابر أربع وثلاثين سنة، ولد له فالق. وعاش عابر بعد ذا أربع مئة وثلاثين سنة، وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر فالق ثلاثين سنة، ولد له رعو. وعاش فالق بعد ذا مئتين وتسع سنين، وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر رعو اثنتين وثلاثين سنة، ولد له سروج. وعاش رعو بعد ذا مئتين وسبع سنين، وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر سروج ثلاثين سنة، ولد له ناحور. وعاش سروج بعد ذا مئتي سنة، وولد له أولاد ثانيين وبنات. ولما كان عُمر ناحور تسعة وعشرين سنة، ولد له تارح. وعاش ناحور بعد ذا مئة وتسع عشرة سنة، وولد له أولاد ثانيين وبنات. وبعدما بلغ تارح سبعين سنة، ولد له ثلاثة أولاد، وهم أبرام وناحور وهاران.
سجل أولاد تارح أبو النبي إبراهيم
ذا سجل مواليد تارح بن ناحور، بن سروج بن رعو بن فالق أخو قحطان بن عابر. أولاد تارح ثلاثة، وهم أبرام وناحور وهاران. هاران ولد له ثلاثة، وهم لوط ومالكة ويسكة. ومات هاران قبل تارح أبوه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين. وتزوج أبرام وكانت إسم زوجته ساراي. وتزوج أخوه ناحور، وكانت إسم زوجته مالكة بنت هاران. وكانت ساراي عاقر ما تحبل. وشل تارح ولده أبرام ولوط بن هاران وساراي زوجة ولده أبرام، وخرج من أور الكلدانيين العراق، ليرحل إلى أرض كنعان. لكنه عندما وصل إلى حاران تركيا، إستقرّو فيها. ومات تارح أبو ابرام في حاران، وكان عُمره مئتين وخمس سنين.
12
ألله يأمر إبراهيم بالرحيل
وبعد فترة من موت أبو ابرام، قال الله الحي الدايم، "يا ابرام، قم إرحل من بلادك وأهلك وبيت أبيك إلى الأرض إلي باروّيك إياها. بأخرّج منّك أُمّة عظيمة وبباركك وباعظّم إسمك وباتكون بركة. إلي يُباركونك بباركهم، وإلي يلعنك بالعنه. فتكون بركة لكل أُمم الأرض." فرحل أبرام مع لوط إبن أخوه كما أمره الله عزوجل. وكان عُمر أبرام خمسة وسبعين سنة عندما رحل من حاران تركيا. وشلّ معه ساراي زوجته، ولوط ولد أخوه، وكل ما جمعو من أموال، وكل ما إمتلكو من خدم في حاران. ورحلو إلى أرض كنعان وهي فلسطين ألان. وعندما وصل أبرام أرض كنعان، تنقّل من منطقة إلى منطقة لمان وصل مدينة شكيم عند قبّة، وهي نابلس ألان. في ذا الوقت، كانو الكنعانيين ساكنيين في ذي الأرض. فأوحى الله القدير وقال له: "يا أبرام، بأعطي ذي الأرض ذريّتك." فبنى أبرام مكان لتقديم القربان لله عند القبّة. وتنقّل من هناك إلى منطقة جبلية شرق بيت إيل، ونصب خيمته بين بيت إيل وقرية عاي. وبنى لله هناك ايضاً مكان للتقدم القربان، وعبد ألله القدير وشكره. بعدين واصل أبرام سفره الى منطقة النقب جنوب كنعان.
رحيل إبراهيم الى مصر
وعندما عاش ابرام في النقب، جات مجاعة في أرض كنعان. فرحل إلى أرض مصر ليتغرّب فيها بعض الوقت، لأن المجاعة كانت شديدة. ولما قرب من مصر، قال لساراي زوجته، "إسمعي يا ساراي، لإنك إمرأه جميلة جداً، أنا خايف عليش من المصريين. إذا شافوكِ معي وعرف إننا زوجكِ، أكيد بايقتلونا وبياخدونكِ. لذا قولي لهم إنكِ أُختي، فيعملونا معاملة زينة وما بايقتلونا." وعندما وصل أبرام إلى مصر، شافو المصريين أن ساراي جميلة جداً. ومدحوها الجنود لفرعون، فشلّو ساراي إلى قصره. فعامل فرعون أبرام معاملة زينة بسببها، وأعطاه غنم وبقر وحمير وعبيد وجواري وجمال. لكن الله القدير نزل على فرعون وعائلته أمراض خطيرة بسبب ساراي زوجة أبرام. ولما عرف فرعون أن الأمراض بسبب ساراي، جاب أبرام وقال له: "يا ابرام، ليه عملت كذا معي؟ ليه ما قلت لي أنها زوجتك؟ ليه قلت لي إنها أُختك، فخلّتنا نشلّها لتكون زوجة لي؟ وذلحين ذي زوجتك، شلّها ورح من هنا." فأمر فرعون رجاله أن يوصّلون أبرام وزوجته وكل أملاكه لمان خارج مصر.
13
إختلاف إبراهيم مع لوط إبن أخوه
فرجع أبرام من مصر، هو وزوجته ولوط إبن أخوه وكل أملاكه إلى منطقة النقب. وأصبح أبرام غني جداً، يملك المواشي والفضّة والذهب. ومن منطقة النقب رجع إلى ما بين بيت إيل وقرية عاي. ونصب خيمته وبنى مكان لتقديم القربان لله عزوجل. ودعا بإسم الله الحي الدايم هُناك. وكان لوط أيضاً عنده خيام وغنم وبقر ورعيان. فضاقت الأرض على ابرام ولوط، لأن أملاكهم كثيرة، فما قدرو يسكنو مرّه. فحصل نزاع بين رعاة أبرام ورعاة لوط. وكان في نفس المكان يسكنو الكنعانيين والفرزيين أيضاً. فقال أبرام للوط: "يا ود خوي، ما بغيت شي مشاكل بيني وبينك، وبين رعاني ورعانك، لأن نحنا أخوان ما تشوف ذي الأرض كلها قدّامك؟ أحسن نفترق عن بعض. يإنك تروح شمال وأروح أنا يمين، أو يإنك تروح يمين فأروح أنا شمال." فرفع لوط رأسه وتشوّف في الأرض قدّامه، فشاف وادي الأردن الأخضر يمتد إلى مدينة صوغر، كأنه جنّة كما بلاد مصر. كان ذا قبل ما يهلك الله مدينة سدوم وعمورة. فأختار لوط لنفسه وادي الأردن كله. ورحل الى شرق، ففترق كلين عن ثاني. أبرام سكن في أرض كنعان، ولوط سكن في مُدن الوادي، فنصب خيامه بجنب مدينة سدوم. وكان أهل سدوم ومدن الوادي أشرار يرتكبون أفظع الخطايا عند الله عزوجل.
إبراهيم يرحل إلى حبرون الخليل
بعدما إفترق ابرام عن لوط، قال له الله، "يا ابرام، تشوّف في كل مكان حولك، تشوّف في الشمال وفي الجنوب وفي الشرق وفي الغرب. كل ذي الأرض إلي تشوفها قدّامك، بأعطيها لك ولنسلك إلى الأبد. وباكثّر نسلك كما رمل الصحراء. أن قدر حد يحسب الرمل فهو بايقدر يحسب نسلك. قم وإمشي في الأرض بطولها وعرضها، لأننا بأعطيك إياها." فسجد ابرام لله سبحانه وتعالى وشكره. وبعد فترة رحل ابرام من بين بيت إيل وقرية عاي إلى مدينة حبرون الخليل. ونصب خيام عند قبّة ممرا الأموري، وبنى مكان لتقديم القربان وعبد ألله الحي الدايم وشكره.
14
النبي إبراهيم ينقذ لوط من الأسر
وحصل في ذا الوقت، أن ملوك أربع مدن قويّة تحالفو في أقصى شرق الصحراء العربية. وهم أمرافل ملك بابل، وأريوك ملك ألاسار، وكدرلعومر ملك عيلام، وتدعال ملك جويم. جاو إلى أرض كنعان علشان يُحاربو ملوك خمس مُدن من أرض البحر الميت. وهم، بارع ملك سدوم، وبرشاع ملك عمورة وشنآب ملك أدمة، وشميبر ملك صبويم وبالع ملك صوغر. فجمعو الملوك الخمسة قوّاتهم في وادي السديم البحر الميت. وكانت المدن الخمس مستعبدة من كدرلعومر ملك عيلام قائد المدن الأربع، وتدفع له الجزية مدّة اثنتي عشرة سنة. لكن في السنة الثالثة عشرة تمرّدو الملوك الخمسة وثارو عليه. وفي السنة الرابعة عشر جاء كدرلعومر وحلفاؤه، وهزمو على طريقهم مدن شرق الأردن. وهم الرفائيين في عشتروت قرنايم، والزوزيين في هام، والإيميين في سهل قرياتم، والحوريين في جبلهم سعير لمان إيل فاران على حدود الصحراء. بعدما هزمو ذي المدن، دخلو عين مشفاط قادش، فأخضعو أرض العمالقة والأموريين الساكنين في حصون أشجار التمر. وعندما عرف ملك سدوم وحلفائه أن كدرلعومر ملك عيلام وحلفائه يزحفون إليهم، خرجو لهم إلى وادي السديم البحر الميت ليحاربوهم هناك. ولكنهم إنهزمو. فهربو جنود ملك سدوم وملك عمورة، فسقطو في أبار ألدامر إلي كانت مجودة بكثرة في وادي السديم. أما الجنود البقيين فهربو لمان الجبال. فغنم الملوك الأربعة المنتصرين كل ما كان في مدينة سدوم وعمورة من أملاك وخدم وطعام، وبعدين رحلو. وأيضاً أسرو لوط ولد أخو أبرام، لأنه كان يسكن في مدينة سدوم، وشلّو أمواله. فجاء بعض من نجا من الحرب وأخبر أبرام العبراني بما حصل. وكان ساكن عند قبّة ممرا الأموري في حبرون الخليل. وممرا الأموري هو أخوه أشكول وعانر الأموريين. وذيلا الشيوخ، هم حلفاء أبرام. فعندما سمع أبرام أن إبن أخوه أسره الأعداء، قام وجمع ثلاث مئة وثمانية عشر من رجاله، المدربين على القتال إلي ولدو في بيته. وقامو معه أيضاً الثلاثة الشيوخ الأموريين للحرب، وتبعو العدو لمان وصلو إلى مدينة دان، شمال بُحيرة طبرية. وفي الليل، قسّم أبرام رجاله إلى مجموعات، وهجم عليهم وهزمهم، وطاردهم الى حوبة، شمال دمشق. ورجّع ابرام كل الأملاك والحريم وباقي الأسرى ولوط ود أخوه وكل ما يملك.
الملك صادق
وعندما رجع أبرام بعدما هزم الملك كدرلعومر والملوك حلفائه، خرج ملك سدوم ليستقبله في وادي الملك، قُرب مدينة القدس. وكان الملك صادق، ملك القدس، متشفع وصالح عند لله العلي. فقدّم لابرام خبز وشراب، وباركه وقال: "ألله العظيم خالق السماوات والأرض بايباركك يا أبرام، وتبارك الله العظيم إلي نصرك على أعدائك." فأعطاه أبرام العشر من كل الغنايم. وبعدين قال ملك سدوم لأبرام، "يا ابرام، عطنا الأسرى من رعيّتي، والأملاك شلّها لك." لكن أبرام قال: "يا ملك سدوم، أرفع يدي قسماً بالله العظيم، خالق السماوات والأرض، إننا ما باشلّ شي من حقّك حتى ولو كان خيط أو حذية علشان ما تقول: "أنا أغنيت أبرام." ما باقبل شي منّك غير ما أكله رجالي. أما الشيوخ إلي غزو معي، وهم آل عانر وآل أشكول وأل ممرا، فهم لازم يشلّون نصبهم من الغنائم." بعد هذا، رجع ابرام ورجاله إلى حبرون الخليل.
15
عهد ألله مع النبي إبراهيم
وبعد فترة من الحرب، كان ابرام ما يعرف من وريثه، وكان مهموم من إنتقام الملوك الأربعة المهزومين منّه. فأوحى له الله الحي الدايم وقال له: "لا تخاف يا أبرام لا تخاف. أنا ظهرك وقوّتك، وأجرك بايكون عظيم جداً عندي." فقال أبرام: "اللهم يا حي يا دايم، أه الفايدة في كل ما عطيتنا وأنا عقيم، ووريثي خادمي أليعازر الدمشقي؟" فقال له الله: يا أبرام، ذا الخادم ما بيكون وريثك، ولكن ولدك إلي يخرج من صلبك، هو بيكون وريثك." وأخرجه الله من داخل الخيمة، وقال له: "يا ابرام، تشوّف إلى السماء وحسب النجوم إذا قدرت. هكذا يكون نسلك." فصدّق أبرام بدون شاك بكلام ألله القدير وأمن به، فاعتبره ألله القدير صالح. وقال له الله: "يا ابرام، أنا الله الحي الدايم، أنا خرّجتك من مدينة أور الكلدانيين في بابل، لأُعطيك ذي الأرض لتملكها." فقال أبرام: "اللهم يا حي يا دايم، كيف نتأكّد ونعرف إننا باملكها؟" فقال له الله: "يا ابرام، جب لي بقرة وشاه وكبش، عُمر كل واحد منهن ثلاث سنين، ويمامة وحمامة." فكان ألله يبغى يعطي ابرام دليل ان كلامه صدق، بالطريق إلي كان يعملون بها ألناس أتفاقية كبيرة، ويقسمون عليها في ذا زامن. فجابهن ابرام له، وضبحهن وشقّهن إلى نصين، ورتّب كل نص مقابل النص الثاني، أما الطيور ما شقّهن. فنزلت الطيور الجارحة على الحيوانات المقطّعة، فكان أبرام يطردها. ولما قربت الشمس من المغيب، نام أبرام نوم عميق، فنزل عليه ظلام وايد مُخيف. فقال له الله: "إِعلم علم اليقين يا ابرام، أن نسلك وذريّتك بايكونون متغرّبين في أرض ما هي أرضهم، فيستعبدونهم ويذلونهم لمدّة أربع مئة سنة. ولكننا باعاقب ذيك الأُمّة إلي تستعبدهم، وباخرّجهم من ذيك الأرض بأملاك وأموال كثيرة جداً. أما أنت يا خليلي، بعد عُمر طويل صالح تموت، وتدفن وتروح الى آبائك بسلام. ولكن في الجيل الرابع يكون شر الأموريين زاد عن حده. فيرجع نسلك في ذا الوقت الى ذي الأرض، فيملكوها." وبعدما غابت الشمس ونزل الظلام، ظهر تنّار فيه دخان ومشعل نار يسير بين الحيوانات المقطّعة. في ذا اليوم، عقد الله القدير عهد مع أبرام، وقال له: "بعطي نسلك ذي الأرض يا ابرام، من نهر النيل في مصر إلى النهر العظيم نهر الفرات في عراق، أرض القينيين والقنزيين والقدمونيين، والحثيين والفرزيين والرفائيين، والأموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين."
16
هاجر وولادتها بإسماعيل
وكانت ساراي زوجة أبرام عاقر، ما ولدت له أولاد. وكانت عندها خادمة مصرية إسمها هاجر. فقالت ساراي لزوجها أبرام: "المولى حرمني من الولادة. لذا إدخل على خادمتي لعلي أُُرزق منها أولاد." فسمع أبرام كلام ساراي. فشلّت ساراي خادمتها المصرية هاجر، وأعطتها لأبرام لتكون زوجة له. وحصل ذا الأمر بعدما رحل أبرام من حارن، وسكن في أرض كنعان بعشر سنين. فجامع أبرام هاجر، فحبلت. ولما عرفت أنها حُبلى، بدأت تحتقر سيدتها. فقالت ساراي لأبرام: "أني مظلومة وأنته المسئول على كل ذي المشاكل. أني أعطيتك خادمتي زوجة لك. ولكن، لما عرفت أنها حبلت، احتقرتني. يحكم الله بيني وبينك يا أبرام." فقال لها أبرام، "شوفي يا ساري، خادمتك تحت تصرفك. عامليها بالطريقة إلي تعجبكِ." فعاملت ساراي هاجر معاملة ما هي طيّبة، فشردت منها. وعندما وصلت قرب عين ماء في الصحراء، جاء لها ملك الحي الدايم، وقال لها: "يا هاجر، من أين جئت وفين باتروحين؟" فقالت: "أني شاردة من سيدتي ساراي." فقال لها الملك، "إرجعي إلى سيدتكِ يا هاجر، وأطيعيها. ذريتكِ باتكثر، فماحد يقدر يعدّها من كثرها. أنتي بتولدين ولد وتُسمّينه إسماعيل لأن ألله القدير سمع عن تعبكِ وعذابكِ. وبايكون إسماعيل إنسان شُجاع بدوي يعيش في الصحراء. وذريته بالجميع والجميع بالذريته، ويعيش نسله قدام أخوانه." فسمّت هاجر ألله البصير، لأنها أبصرت الملاك إلي أبصرها. لذا السبب سُمّيت البئر، بئر الحي البصير، وهي بين قادش وبارد في منطقة النقب. وبعد فترة من رجوع هاجر لأبرام عليه السلام، ولدت له ولد في حبرون الخليل. فسمّاه إسماعيل ومعناه سمع ألله. وكان عُمر أبرام ستة وثمانين سنة لما ولدت له هاجر بإسماعيل.
17
العهد والختان
وبعد ثلاثة عشر سنة من ولادة إسماعيل، لما كان عُمر أبرام تسع وتسعين سنة، أوحى له الله عزوجل وقال له: "يا أبرام، أنا الله القدير. سر في طريقي وكن كامل. بأعمل عهدي بيني وبينك، وباكثّر ذريّتك كثير جداً." فسجد أبرام لله عزوجل، فقال له الله: "يا أبرام، عهدي لك لإنك باتكون أب لأُمم كثيرة. وإسمك ما بايكون بعد اليوم أبرام، ولكن بايكون إبراهيم لإنك باتكون أب لأُمم كثيرة. وباخلّيك مُثمر كثير، وبايخرجون من ظهرك مُلوك. وباعطيك عهدي لأننا باكون إلهك وإله ذريتك من بعدك إلى الأبد جيل بعد جيل. وباعطيك كل أرض كنعان، إلي أنته غريب فيها ذلحين، مُلك لك ولنسلك من بعدك الى يوم القيامة، وباكون إلاهم. يا إبراهيم، لازم عليك إنك تحفظ عهدي، أنته ونسلك من بعدك جيل بعد جيل. ذا عهد ختان الذكور لازم تحفظوه، فتكون ذي علامة العهد بيني وبينكم. يختن كل ذكر منّكم جيل بعد جيل وهو ولد ثمانية أيام، سواء كان مولود في بيتك، أو أي واحد إشتريته بمالك. كل ذكر منّكم لازم يختن، فيكون عهدي في أجسامكم عهد يدوم إلى الأبد. لكن الذكر إلي ما يختن يُباد من قومه لأنه نقض عهدي. أما زوجتك ساراي، فلا تسمّيها ساراي بعد اليوم، ولكن سمّها سارة. باباركها وباعطيك منها ولد، فتكون سارة أُم لأُمم كثيرة، ويخرج منها ملوك." فسجد النبي إبراهيم لله عزوجل، وبعدين ضحك وقال في نفسه: "حقيقي باجيب ولد وأنا عُمري مئة سنة، وزوجتي باتولد وهي قد وصلت تسعين سنة؟" فقال النبي إبراهيم لله عزوجل: "يا ريت ولدي إسماعيل يعيش في رضاك." فقال له الله عزوجل: "سارة باتولد لك ولد وسمّه إسحاق. بأعطيه عهدي يدوم إلى الأبد ولذريته من بعده. أما إسماعيل، قد سمعت طلبك علشانه. باباركه وباخلّيه مُثمر كثير، بايكون أُمّة كبيرة وأب لإثني عشر قلبيلة عربية أصيله. ولكن عهدي باعمله مع إسحاق، إلي تولده لك سارة في ذا الوقت في السنة المُقبلة." وبعدما إنتهى الله القدير من كلامه مع إبراهيم عليه السلام، راح الملاك من عنده. في نفس ذا اليوم، شل النبي إبراهيم ولده إسماعيل وكل المولودين في بيته، وكل من إشتراهم بماله، وختنهم كما أمره الله عزوجل. وكان عُمر إبراهيم عليه السلام تسعه وتسعين سنة عندما ختن، وعُمر ولده إسماعيل ثلاثة عشر سنة. فختن النبي إبراهيم وولده إسماعيل في حبرون الخليل في نفس ذاك اليوم، وختن معه كل ذكر في بيته.
18
النبي إبراهيم يُضيّف الملائكة
وبعد فترة من الختان ومن وعد ألله القدير بولادة إسحاق السنة المُقبلة، كان الخليل جالس في مدخل خيمته وقت الظهر عند قبّة ممرا. فأوحى له الله الحي الدايم، فشاف ثلاثة ملائكة في صورة رجال واقفين عنده. فقام بسرعة من مكانه وإستقبلهم بإحترام كبير، وقال لهم: "إن كنتم راضيين عليّ، لا تروحون من عندي من غير ما تدخلّون خيمتي. إسمحو لي، نقدّم لكم قليل ماء تغسلون به رجيلكم، بعدين ترتاحون تحت ذي الشجرة. بأقدّم لكم لقمة خبز تسدّون بها جوعكم، وبعد ذا واصلو سفركم." فقالو له: "طيّب إعمل كما قلت." فراح النبي إبراهيم بسرعة، فقال لزوجته، "قومي بسرعة يا سارة، وإعجني ثلاث مصاري من الدقيق الزين وإخبزيها." بعدين راح الى المواشي وإختار عجل لبني زين، وأعطاه واحد من الخدم، فراح وذبحه. وبعدين جاب زبدة وحليب ولحم العجل المشوي، وطرحه قدّامهم. وعندما كانو يأكلون، كان الخليل إبراهيم عليه السلام قيم يخدمهم تحت الشجرة. فقالو له: "يا إبراهيم، فين زوجتك سارة؟" فقال، "في الخيمة." فقال له الله الحي الدايم، "بانرجع عندك نفس ذا الوقت كما وعدتك قبل فترة، وسارة زوجتك بايكون معها ولد." وكانت سارة تتنصّت لكلامهم وهي في الخيمة. وأما النبي إبراهيم، فكان شيبه وسارة عجوز، حتى إنها تجاوزت سن الحمل بكثير. فضحكت في نفسها وقالت: "هل أتمتع وسنين عُمري راحت وزوجي شيبه؟" فقال ألله الحي الدايم، "يا إبراهيم، ليه ضحكت سارة وقالت: "هل باولد وأني عجوز؟" فيه أي شي مُستحيل عند ألله القدير؟ بانرجع عندك نفس ذا الوقت كما وعدتك قبل فترة وسارة باتكون معها ولد." فخافت سارة وأنكرت، وقالت: "لا، ما ضحكت." فقال، "نعم، ضحكتي."
جدال النبي إبراهيم مع ألله القدير
بعدين قامو الملائكة وراحو بتجاه مدينة سدوم قوم لوط، فقام إبراهيم عليه السلام يمشي معهم ليودّعهم. فقال ألله الحي الدايم، "هل نُُخفي عن خليلي إبراهيم ما بأعمله بسدوم؟ فإنه بايكون أُمّة عظيمة وقوية، وبواسطته بابارك كل أُمم الأرض. إخترته ليوصي أولاده وعائلته من بعده أن يحفظو طريقي في قلوبهم. فيعملو الصلاح والعدل، فأحقّق له ما وعدته به. ولكن أهل سدوم وعمورة كثرت خطاياهم، وشرّهم زاد كثير. فذلحين ننزل ونشوف إذا كان يستحقّون حكم الأبادة عن وجه الأرض ولالا." فرحلو الرجال من عنده، وراحو تجاه مدينة سدوم. وأما النبي إبراهيم، فتمّى قيم يكلّم ألله عزوجل. وإقترب إبراهيم عليه السلام اليه أكثر، وقال: "يا ربي، هل باتهلك الصالح مع الشرير؟ لو كان في المدينة خمسين نفر صالح، هل باتهلكهم ولا باتعفو عنّهم علشان الخمسين؟ يا ربي أنته قدّوس، كيف باتهلك الصالح مع الفاسد؟ هل تعامل الصالح كما الفاسد؟ مُش معقول يا قدّوس تعمل هذا. هل ديّان السماوات والأرض ما يحكم بالعدل؟" فقال له الله الديّان: "طيّب، إن حصّلت خمسين نفر صالح في سدوم، فإننا باعفو عنّهم كلهم علشان الخمسين." فقال إبراهيم عليه السلام، "انا باكلّم الله الرحيم، برغم إننا مجرّد تُراب. طيّب لو كان نقص من الخمسين صالح خمسة نفر، هل باتهلك المدينة كلها بسبب إنك نقّصت الخمسة؟" فقال له: "إذا حصّلت خمسة وأربعين صالح، ما بأهلكهم." فقال النبي إبراهيم: "لنفرض إنك حصّلت أربعين بس؟" فقال له: "ما بأهلكهم علشان الأربعين." فقال النبي إبراهيم: "لا تغضب منّي يا ربي، إسمح لي نتكلم، لنفرض إنك حصّلت ثلاثين نفر؟" فقال له: "ما بأهلكهم علشان الثلاثين." فقال النبي إبراهيم: "أنا باكلّم الله الرحيم، لنفرض إنك حصّلت عشرين نفر؟" فقال له: "ما بأهلكهم علشان العشرين." فقال إبراهيم عليه السلام، "لا تغضب يا ربي، سمحنا. إسمح لي يا إلهي، نتكلم آخر مرّة. لنفرض إنك حصّلت عشرة نفر صالحين؟" فقال له ألله الرحيم، "ما بأهلكهم علشان العشرة." بعدما أنهى ألله عزوجل كلامه، رجع الخليل إبراهيم عليه السلام إلى خيمته.
19
عذاب ألله العظيم ينزل على سدوم وعمورة
وبعدما رحلو الملكان من عند النبي إبراهيم، وهو كان يتوسّل لله عزوجل، دخلو الملائكة مدينة سدوم في الليل. وكان لوط عليه السلام جالس عند باب المدينة. ولما شاف الملكان، قام وإستقبلهم بإحترام كبير. وقال: "أرجوكم تفضّلو في بيتي لتغسلو رجيلكم، وتنامون عندنا ذي اليلة. وفي الصباح البدري، ترحلون في طريقكم." لكنهم قالو: "لا، نحنا بانبيّت في الساحة." فأصر عليهم لوط وايد لمان دخلو داره. فقدّم لهم خبز وأكل زين. وقبل ما ينامون، جاء رجال سدوم من كل ناحية في المدينة شباب وشيابه، ودريو بدار لوط عليه السلام، وطرّبو عليه وقالو: "يا لوط، فين الرجال الأثنين إلي جاو عندك ذي اليلة؟ خرّجهم لنا علشان نفعل بهم الفاحشة." فخرج لهم لوط وقفّل الباب ورائُه، وقال: "يا جماعة، لا تعملون ذي الفاحشة. عندي بنتين عذاراء باخرّجهن. أما ضيوفي ذيلا الرجال، فلا تفعلو بهم، لأنهم في حمايتي." فقالو له: "بعد من هنا، يا لوط! أنته جيت من بعيد وسكنت عندنا، وجالس تتحكم فينا؟ ذلحين بانعمل بك الفاحشة أسوء منهم." ودفرو لوط وحاولو يكسرو الباب. فمدّ الملكان يدّاتهم، وسحبو لوط عليه السلام إلى الداخل البيت، وقفّلو الباب. وضربو كل الرجال إلي عند الباب بالعمى. فما قدرو يحصّلو الباب. فقال الملكان: "يا لوط، هل عندك في ذي المدينة أقارب أو صهور أو أولاد، أو أي واحد ثاني يقرب لك؟ خرّجهم ذلحين من هنا! فألله العظيم الجبار بايهلك ذي المدينة لأن خطاياهم كثرت، وشرّهم زاد عن حدّه كثير كثير. فارسّلنا لنُهلكها." فراح لوط عليه السلام عند الرجال إلي خاطبيين بناته، وكلّمهم وقال: "يا صهور، تعالو وراي بسرعة، وخرجو معي من ذي المدينة الظالمة، لأن الله عزوجل بايهلكها." لكن صهوره إعتقدو إنه يمزح. فعندما طلع الفجر، ألحّو الملكان على لوط عليه السلام، وقالو له: "يا لوط يا لوط بسرعة، شل زوجتك وبناتك وشردو من هنا، لأن العذاب باينزل على ذي المدينة وعلى مدن الوادي كله." لكن لوط بطأ، فأمسك الملكان بيده ويد زوجته وبناته. وخرّجوهم سالمين من المدينة، لأن الله أشفق عليه. وبعدما خرجو من المدينة، قال واحد من الملائكة: "يا لوط، شرد بسرعة أنته واهلك الى الجبال. ولا تشوّفون وراكم ولا تتوقّفون في أي مكان في الوادي، ولا با يوصلكم العذاب." فقال لوط، "يا سيدي. أنته رضيت عليّ وعملت معي معروف كبير وإنقذت حياتي. لكن أنا ما باقدر نوصل الى جبال. يمكن يصيبنا مكروه فأموت. شف ذي القرية الصغيرة قريبة مننا. خلّينا نشرد إليها لمان وسطها، وأنجو بحياتي." فقال له الملك: "طيّب، ما بادمّر القرية الصغيرة. لكن بسرعة، لأننا ما بأقدر نعمل شي ثاني لمان توصل هُناك." لذا السبب أن القرية الصغيرة سُمّيت صوغر. وعندما وصل لوط إلى صوغر، أشرقت الشمس على الأرض. فأمطر الله الجبار كبريت ونار على مدينة سدوم وعمورة. فأُهلكت مدن الوادي وكل سكانها وحتى نباتات الأرض وكل شي إلا لوط وأهله. ولكن زوجته تشوّفت ورائها، فتحولت إلى عمود ملح. وفي الصباح بدري، رجع إبراهيم عليه السلام إلى المكان، إلي كان واقف فيه يتوسّل ألله القدير. وتشوّف في أتجاه مدينة سدوم وعمورة وكل الوادي، فشاف دخان وايد يطلع من الوادي كما التنّار. عندما أُهلكت مدن الوادي، رحم ألله عزوجل النبي إبراهيم وما نساه، فأخرج ألله لوط عليه السلام من سدوم قبل نزول العذاب. ولكن عندما وصل الى صوغر، خاف كثير أن يسكن فيها. فرحل هو وبناته وطلع الجبال، وعاش مُنعزل هُناك. وبعد فترة، حبلين بناته وجبن من ولد. البنت الكبيرة سمّت ولدها موآب وهو أبو الموآبيين، وأرضهم شرق بحر الميّت. والبنت الصغيرة سمّت ولدها عمّون وهو أبو بني عمّون وأرضهم شمال أرض موآب.
20
أبيمالك يأخذ سارة
وبعد فترة من نزول العذاب على مدن الوادي، رحل إبراهيم عليه السلام من عند قبّة ممرا الأموري في التجاة الجنوب، وراح الى منطقة النقب جنوب كنعان بين عين قادش ووادي شور. وتقرب أيِضاً بعض الوقت من أطراف مدينة جرار وهي قريبة من ساحل فلسطين الجنوب. وعندما سكن في جرار، قال النبي إبراهيم أن سارة ما هى زوجته، ولكنها أُخته لأنه خاف من الناس إنهم يقتلونه وشلّون زوجته عليه. فأرسل أبيمالك، ملك مدينة جرار، بعض جنوده، وشلّ سارة لأنها جميلة جداً، فالملك يبغى يتزوجها. لكن نزّل ألله القدير في ذاك الوقت أمرض على بيت الملك أبيملك بسب سارة، فما قدر حتى يقترب منها. وفي الليل حذر الله عزوجل أبيمالك في حلم وقال له: "يا أبيمالك، أنته باتموت ومملكتك باتُهلك كلها وباتنتهي بسبب الحرمة إلي شلّتها، لأنها متزوجة." فقال: "يا رب، أنا ما لسمتها. هل باتعاقب بري وباتهلك مملكته؟ هو قال لي إنها أُخته، وهي نفسها قالت إنه خوها. أنا عملت كذا بكل برائة." فقال الله، "نعم، أنا عارف إنك عملت كذا ببرائة. لذا نزّلت عليك وعلى كل حريمك أمرض فمنعتك من عصياني، فما خلّيتك تقربها. فذلحين لازم رجّع لإبراهيم زوجته، فهو نبي. هو بايدعو لك علشان ما تموت. إذا ما باترجّعها، باعاقبك بالموت، أنته وكل قومك." وفي الصباح بدري طرّب أبيمالك على كل حاشيته، وقال لهم بكل ما حصل في الحلم، فخافو خوف شديد. بعدين طرّب أبيمالك على إبراهيم عليه السلام، وقال له: "آه لقّت فينا يا إبراهيم؟ هل ظلمتك في شي فجبت عليّ وعلى مملكتي ذنب عظيم؟ أنته عملت فيّ أشياء ماحد يعملها. ليه عملت كذا؟" فقال إبراهيم عليه السلام: "إسمع يا ملك، أنا أعتقدت أن الناس هنا ما يخافون الله العظيم. فهم بايقتلونا وبا يشلّون زوجتي عليّ. لكن إذا عرفو إنها أختي، ما بايقتلونا. وفي الحقيقة هي أُختي بنت أبوي، لكنها ما هي شقيقتي بنت أُمي، فتزوجتها. يا أبيمالك، من يوم ما أمرنا الله القدير بأن أرحل من أرض والدي، رحلت منها. فكنت غريب هنا وهناك لمان ألان. فقلت لزوجتي، "يا سارة، إعملي معروف معي. أي مكان نروح له، قولي أننا أخوكِ." بعدما سمع أبيمالك كلام إبراهيم عليه السلام، رجّع له سارة زوجته، وعوّضه وعطاه غنم وبقر وعبيد وجواري. وقال له: "إسمع لي يا إبراهيم، أرضي قدّامك، إسكن في أي مكان تبغاه. ويا سارة، أنا أعطيت زوجكِ ألف قطعة من الفضة، تعويض لكِ على ما أصابكِ قدام الناس، فأنتِ بريئة." فدعاء النبي إبراهيم عليه السلام، فشفى ألله سبحانه وتعالى أبيمالك وزوجته وجواريه من الأمراض. فولدن لأن الله أصابه وكل نساء بيته بالعقم بسبب سارة زوجة الخليل إبراهيم عليه السلام.
21
سارة وولادتها بإسحاق عليه السلام
وبعدما خرج النبي إبراهيم عليه السلام من عند الملك أبيمالك في مدينة جرار، رحل الى منطقة بئر السبع جنوب ساحل فلسطين. وأنعم الله الحي الدايم على سارة. فحبلت وولدت ولد لإبراهيم عليه السلام في الوقت المُحدد، وهو كان عُمره مئة سنة. وهذا كما وعده ألله القدير قبل سنة لما جاو يزورونه الملائكة الثلاثة . فسمّى النبي إبراهيم ولده إسحاق ومعناه ضُحك من الفرح. فختنه النبي إبراهيم في اليوم الثامن بحسب عهد الوفاء والإخلاص إلي عمله بينه وبين الله القدير وعلامته الختان. فقالت سارة: "ألله المولى خلاني نضحك من الفرح. وكل من يسمع ذا الخبر، بايضحك من الفرح معي. مِن كان يقدر يقول لإبراهيم إن سارة باتحبل وباترضع؟ ولكن ولدت له ولد وهو كبير في السن بقدرة ألله القدير."
خروج هاجر وإبنها
وكبر الولد وفطمته أُمّه، وعمل النبي إبراهيم في يوم فطامه عزومة كبيرة. فشافت سارة أن إسماعيل ولد هاجر المصرية يضحك على ولدها إسحاق. فراحت لعند النبي إبراهيم وقالت له، "يا إبراهيم، سكّن هاجر هي وولدها بعيد منّي، لأن إبنها ما بايُرث مع ولدي إسحاق." فزعل إبراهيم عليه السلام كثير من ذا الكلام، فقال له الله: "لا تزعل يا إبراهيم علشان ولدك إسماعيل وأُمّه. إعمل كما تقول لك سارة، لأنه من طريق إسحاق بايكون نسلك. وإسماعيل ولد هاجر المصرية أيضاً بأعمل منه أُمّة، لأنه ولدك، فلا تخاف عليهم." وفي الصباح بدري شل إبراهيم عليه السلام خبز وقربة ماء وعلقهن على كتف هاجر، وخرّجها من عنده هي وولدها. فراحت وتاهت في الصحراء في التجاه الجنوب. وعندما خلّص الماء من القربة، قامت وخلّت ولدها تحت شجرة يابسة. وراحت من عنده حوالي مئة متر وجلست مقابلته، وقالت في نفسها: "ما باقدر نشوف ولدي وهو يموت." وجلست تبكي بحرقة كثير. فسمع الله القدير صوت ولدها إسماعيل، فطرّب ملاك من السماء وقال لها: "ليه تبكين يا هاجر؟ لا تخافين، لأن الله العظيم سمع صوت ولدكِ هناك. قومي وشلّي ولدِيك لأن ألله السميع البصير بايعمل منه أُمّة كبيرة." بعدين فتح الله بصير عيونها، فشافت بئر ماء. فراحت وملأت القربة وسقت ولدها. وكان الله مع إسماعيل وهو يكبر. وسكن في الصحراء وتعلم رمي السهام. وزوّجته أُمّه حرمة مصرية.
مُعاهدة النبي إبراهيم وأبيمالك
وبعدما راحت هاجر وولدها إسماعيل الى الصحراء، جاء أبيمالك ملك مدينة جرار، وفيكول قائد جيشه الى عند النبي إبراهيم، وقالو له: "يا إبراهيم، أنا نعرف أن الله العظيم معك في كل ما تعمله. ولكن إحلف لي بالله العظيم هنا ذلحين، إنك ما باتغدر بي ولا بأولادي وذريّتي. إحلف إنك باتعملنا بأمان وسلام. وأيضاً مع أرضي إلي أنته جالس فيها كما يوم عملتك أنا بالطيبة." فقال إبراهيم عليه السلام، "طيّب يا أبيمالك، نحلف لك بالله العظيم إننا باعاملك بأمان وسلام وكل شي لك. ولكن أولاً لازم نتفاهم أنا ويّك لأن رعيانك شلّو عليّ بئر ماء أنا حفرتها." فقال أبيمالك: "يا إبراهيم، حقيقي أنا ما نعرف من شل بئرك. أنته ما قلت لي وأنا ما سمعت إلا ذلحين منّك." فأعطى النبي إبراهيم أبيمالك غنم وبقر، وعملو معاهدة سلام وأمان بينهم. وبعدين جاب إبراهيم سبع غنم ثانيات. فقال له أبيمالك: "ليه جبت هذيلا الغنم السبع يا إبراهيم؟" فقال له: "يا أبيمالك، إقبل منّي ذيلا الغنم السبع، كشهادة منّي على إننا أنا حفرت ذي البئر." فوافق أبيمالك. لهذا سبب سُمّي ذا المكان بئر السبع، لأنهم حلفو إثينتهم هناك وأعطى النبي إبراهيم أبيمالك سبع غنم. وبعدما عملو المعاهدة في بئر السبع، رجع أبيمالك وفيكول قائد جيشه إلى مدينة جرار. وغرس إبراهيم شجرة أثلة في بئر السبع، وعبد ألله الحي الدايم الأزلي هُناك. وسكن إبراهيم عليه السلام كما الغريب في منطقة بئر السبع، جنوب ساحل فلسطين فترة طويلة.
22
إبتلى ألله النبي إبراهيم في ولده
وفي يوم من الأيام وبعدما سكن النبي إبراهيم عليه السلام في بئر السبع بفترة طويلة، إختبره الله عزوجل وقال له: "يا إبراهيم"، فقال النبي إبراهيم، "نعم يا ربّي." فقال له ألله، "شل ولدك وريثك الوحيد إسحاق، ورح إلى جبال الموريه. وقدّمه أضحية لي، فوق واحد من الجبال، إلي باقول لك به." فقام إبراهيم الخليل في الصباح بدري، وقطّع الحطب ليحرق الأضحية. وجهّز الحمار وشل ولده إسحاق واثنين من خدمه. وبعدين راح للمكان إلي قال له الله القدير عنّه. وفي اليوم الثالث، شاف إبراهيم المكان من بعيد. فقال لخدمه: "أقفو لي هنا أنتو والحِمار، وأنا بطلع مع ولدي الى الجبل فوق لنقدّم اضحية لله سبحانه وتعالى لنعبده، وبعدين باننزل لكم." وشل النبي إبراهيم وولده حطب ونار وسكّين للأضحية. وعندما كانو يطلعون الجبل، وهذه الجبال في منطقة القدس، تكلم إسحاق وقال لأبوه، "يا أبي!" فقال النبي إبراهيم: "نعم يا ولدي!" فقال إسحاق: "معنا نار وحطب وسكّين. طيّب، فين كبش الأضحية؟" فقال إبراهيم عليه السلام: "الله با يدبّر لنفسه كبش الأضحية يا ولدي." وإستمرّو الأثنين يطلعون. وعندما وصلو المكان إلي قال له الله به، صلّح إبراهيم عليه السلام هناك مكان لتقديم قربان الأضحية. ورتّب الحطب وربط إسحاق ولده وطرحه فوق الحطب. ومدّ إبراهيم يده وشل السكّين ليذبح ولده. في ذا الوقت، صاح عليه ملاك من السماء وقال له: "يا إبراهيم يا إبراهيم!" فقال إبراهيم، "نعم يا ربي." فقال له الله عزوجل، "لا تمد يدك على الولد يا إبراهيم، ولا تعمل به شي! لإنك ما منعت نفسك إنك تقدّم ولدك قرّة عينك أضحية لي، تأكدت إنك تخاف ألله حقيقي وتتقيه." بعد هذا، شاف النبي إبراهيم عليه السلام كبش، علقت قرونه بين الشجر. فجابه وقدّمه أضحية لله العظيم بدل ولده. فسمّى إبراهيم عليه السلام ذا الجبل، الله يدبّر . والمثل يقول، "في جبل الرب، الله يدبّر." وبعدما قدّم إبراهيم عليه السلام الكبش أضحية لله القدير، قال الملاك، "يا إبراهيم،" قال الله الحي الدايم، لإنك أطعتنا حق الطاعة وما منعت ولدك قرّة عينك، أن تقدّمه أُضحية لي، أُقسم بذاتي إننا بباركك وباكثّر نسلك كما نجوم السماء ورمل الصحراء، وتمتلك ذريّتك مدن أعدائهم. بنسلك ببارك كل أقوام الأرض، لإنك أطعتنا حق الطاعة." بعد هذا، نزل إبراهيم الخليل عليه السلام وولده من الجبل، ورجع مع خدمه إلى خيمته في بئر السبع.
سجل أولاد ناحور بن تارح
وبعد فترة، سمع النبي إبراهيم أن مالكة بنت هارن بن تارح، ولدت ثمانية أولاد لأخوه ناحور. وهم عوص وبوز وقموئيل وهو أبو أرام، وكاسد وحزو وفلداش ويدلاف وبتوئيل. وولد لبتوئيل بن ناحور ولد إسمه لابان وبنت إسمها رفيقة، فتكون رفيقة أُم يعقوب عليه السلام. وكان لناحور حرمة ثانية إسمها رؤومة، ولدت له أربع أولاد. وهم طابح وجاحم وتاحش ومعكة. فيكون عدد أولاد ناحور بن تارح، اثني عشر ولد.
23
موت سارة أُم إسحاق وتملّك النبي إبراهيم مزرعة
وبعد فتر من رجوع إبراهيم عليه السلام إلى حبرون الخليل، ماتت سارة زوجته في حبرون. وكان سنّها مئة وسبعة وعشرين سنة، وإبراهيم عليه السلام سنّه مئة وسبعة وثلاثين سنة، وإسحاق سنّه سبعة وثلاثين سنة. فحزن النبي إبراهيم كثير كثير، وجلس يبكي عند زوجته سارة الميّتة. بعدين قام من عندها، وراح الى باب المدينة ليُكلّم شيوخ الحثيين في موت زوجته. فقال لهم: "يا جماعة، زوجتي ماتت وأنا غريب ومُقيم عندكم، إسمحو لي إننا نملك من أرضكم مقبرة." فقالو شيوخ الحثيين: "إسمع يا إبراهيم، نحنا نعرف أن إلهك جعلك كبير عندنا، فادفن زوجتك في أحسن مقابرنا. وماحد مننا بايمنع مقبرته عنك." فقام النبي إبراهيم وشكر وأثنى عليهم، وقال لهم: "إذا رضيتو يا الحثيين، إننا ندفن زوجتي عندكم فإسمعو لي، كلّمو عفرون بن صوحر علشان يبيع لي الكهف حقّه، إلي في طرف مزرعته بثمن كامل. فيكون لي الكهف مقبرة عندكم." وكان عفرون بن صوحر جالس مع باقي الحثيين، إلي إجتمعو عند باب المدينة. فقام عفرون وقال لنبي إبراهيم الخليل، "لا يا سيدي، ولكن إسمع لي أنته، أنا بأعطيك المزرعة والكهف هديّة منّي، وقومي يشهدون على ذا. فادفن فيه زوجتك." فأثنى إبراهيم الخليل وشكر الحثيين أهل الأرض مرّة ثانية، وقال لعفرون وألناس يسمعون، "من فضلك إسمع لي يا عفرون، أنا باشتري المزرعة كلها بثمن كامل. فاقبل المبلغ منّي لأدفن زوجتي هناك." فقال له عفرون، "إسمع لي أنت يا سيدي، المزرعة ثمنها أربع مئة قطعة من الفضّة، وهذي الفلوس ما لها قيمة بيني وبينك يا إبراهيم." فسمع النبي إبراهيم كلام عفرون، فوزن له أربع مئة قطعة من الفضّة، وعطاها له والحثيين يشهدون. فصار الكهف والمزرعة وكل الشجر الموجود في حدود المزرعة، مُلك للنبي إبراهيم عليه السلام. وبعد ذا، دفن إبراهيم الخليل زوجته الغالية، سارة أم اسحاق، في الكهف بالقرب من قبّة ممرا الأموري. فهكذا اشترى النبي إبراهيم خليل الرحمن، من الحثيين المزرعة والكهف، فكانت مُلك له ولنسله من بعده.
24
زواج النبي إسحاق من رافقة
وبعد ثلاثة سنوات تقريباً من موت سارة أُم إسحاق، بلغ عُمر النبي إبراهيم عليه السلام مئة وأربعين سنة، فباركه الله القدير في كل شي. وفي يوم من الأيام طرّب الخليل عليه السلام على رئيس خدمه، وهو الوكيل على كل أملاكه وقال له، "إسمع يا وكيل، أنته تعرف أن ولدي إسحاق وصل سن الزواج. لذا إحلف لي بالله رب السموات والأرض، وإقسم لي ذلحين هُنا، إنك ما بتزوّج ولدي زوجة من بنات الكنعانيين أبداً. ولكنّك باتروح لمان مدينة حاران، عند أهلي وعائلتي في أرض ارام شمال النهرين، وتزوّج ولدي إسحاق زوجة من عندهم." فقال له الخادم: "يا سيدي إبراهيم، يمكن البنيّة ما تبغى تجي معي إلى ذي الأرض. إذا قالت لا، تبغانا نرجّع ولدك لمان مدينة حاران إلي خرجت منها؟ " فقال له النبي إبراهيم، "إنتبه ترجّع ولدي لمان هناك ياوكيل. الله رب السماوات والأرض خرّجنا من بيت أبي ومن عند أهلي، وكلّمنا وحلف لي إنه بايعطي أرض كنعان هذه الأرض، لذريّتي ولنسلي من بعدي. فلازم ولدي إسحاق يجلس في ذي الأرض. وأنته يا وكيل لا تخاف، ألله بايرسل ملاكه قدّامك لتزوّج ولدي زوجة من بيت أبوي. ولكن إذا رفضت البنيّة إنها تجي معك، تكون أنته بري من الحليف ذا. ولكن لا ترجّع ولدي لمان هناك أبداً." فحلف الخادم يمين للنبي إبراهيم على ذا الأمر. بعدين شل الوكيل عشرة من الجمال ومن جميع خيرات سيده، وسافر مع رجاله إلى حاران في آرام أرض النهرين، وهي الأن تركياء. وكانت المسافة من حبرون الخليل الى حاران ثمان مئة كيلو تقريباً. وبعد سفر طويل، وصلو مدينة حاران وقت المغرب، فأناخو الجمال عند بئر ماء خارج المدينة. وكان بنات المدينة في ذا الوقت يخرجن ليستقين ماء من البئر. فقام الخادم يدعو ألله عزوجل وقال، "اللهم يا رب سيدي إبراهيم، يسّر لي أمري اليوم وأحفظ وعدك مع سيدي وأعمل له خير بحسب وفائه وإخلاصه لك. يا ربي، أنا قيم عند ذي البئر وبنات المدينة يخرجن ليستقين ماء. فيا رب، أنا باطرّب على وحدة منهن وباقول، "يا بنيّة، ملّي جرتكِ علشان نشرب." إذا قالت لي، "خُذ شرب وأني باسقي جمالك،" تكون أنته إخترت هذه البنت زوجة لعبدك إسحاق إبن إبراهيم. كذا باعرف إنك إستجبت دُعاي وعملت خير وأوفيت بوعدك مع سيدي." وقبل ما ينتهي من دعاه، جائت رفيقة بنت بتوئيل بن ناحور أخو النبي إبراهيم. وجرّتها على كتفها، وكانت بنيّة جميلة جداً. فنزلت عند البئر وملت جرّتها، وطلعت تمشي الى بيتها. فقام خادم النبي إبراهيم بسرعة وقرب منها وقال لها: "يا بنيّة، إسقينا قليل ماء من جرتكِ." فنزّلت جرّتها من كتفها وقالت، "خُذ شرب يا سيدي." وبعدما شرب، قالت له، "أني باسقي جمالك." وبسرعة سكبت ماء جرّتها في الحوض، وتمّى الخادم يتشوّف لها وهو ساكت، علشان يعرف إذا كان الله وفّقه في مُهمّته ولا لا. ورجعت الى البئر وسقت الجمال العشرة بجهد كبير لمان شربن الجمال كلهن. بعدما شربن، قال لها: "بنت من أنتي؟ قولي لي، هل في بيتكم مكان نبيّت فيه؟" فقالت له: "نعم، عندنا مكان تبيّتون فيه، وعندنا طُعم وعلف وايد. وأني بنت بتوئيل بن ناحور." وقال، "نشكرك يا رب سيدي إبراهيم، لأنك وافيت بوعدك مع سيدي الخليل وعملت خير. أنته هديتنا إلى بيت أخو سيدي إبراهيم." فراحت رفيقة بسرعة الى بيت أُمها، وقالت لهم بذي الأمور. فلما سمعها أخوها لابان إنها تكلّمت مع الخادم وشاف الكرابو في أنفها والمطلتين في يدها، خرج بسرعة وراح الى الوكيل الخادم عند البئر. فحصّله قيم عند الجمال قريب البئر. فقال له لابان، "تفضل يا من باركه الله القدير، ليه قيم هنا؟ أنا جهّزت لكم البيت ومكان للجمال." فراح معه الوكيل إلى البيت، ونزّلو خدم لابان العفش من الجمال، وعطوهن طُعم وأكل. وجابو ماء له وللرجال إلي معه علشان يغسلون رجيلهم. بعدين قدّمو له سفرة أكل ولكن الخادم الوكيل قال، "إسمعو، أنا ما بأكل شي لمان نقول لكم بالكلام إلي عندي." فقال لابان: "تكلّم." فقال، "أنا خادم إبراهيم بن تارح ووكيله على كل أمواله. والمولى بارك سيدي كثير فصار غني، فأعطاه جمال وبقر وغنم وحمير وذهب وفضّة وعبيد وجواري. وولدت سارة زوجة سيدي ولد بعدما عيّزت، وأعطاه أبوه كل ما يملك. بعدين حلّفنا سيدي وقال: لا تزوّج ولدي بنيّة من بنات الكنعانيين إلي ساكنين في أرضهم. ولكن رح الى قبيلتي وعائلتي، وزوّج ولدي زوجة من عندهم. فقلت له يمكن أن البنيّة ما باتجي معي. فقال لي، "المولى إلي عبدته طول حياتي بايرسل ملاكه قدّامك وبايوفّقك يا وكيل، فزوّج ولدي زوجة من عائلتي. وإذا رفضو يعطونك بنتهم، يكون ما عليك شي من الحليف." فلما وصلت اليوم عند البئر، دعيت ألله العظيم وقلت، "اللهم يا رب سيدي إبراهيم الخليل، أرجوك وفقّنا. أنا قيم ذلحين عند البئر يا ربي. ولما تجي بنيّة علشان تستقي من الماء، أنا باقول لها، "إسقينا ماء من جرتكِ". إذا قالت لي، "خُذ شرب وأني باسقي جمالك،" تكون هي البنيّة إلي أختارها الله لولد سيدي." وقبل ما ننتهي من ذا الدعاء في قلبي، جائت أختك رفيقة شالّت جرّتها على كتفها لمان عند البئر. وبعدما ملّت جرّتها، قلت لها، " إسقينا يا بنيّه." فنزّلت جرّتها من كتفها وقالت: "خُذ شرب وأني باسقي جمالك." فشربت أنا وهي سقت الجمال. فقلت لها: "بنت من أنتِ؟" فقالت: "بنت بتوئيل بن ناحور." فطرحت الكرابو على أنفها والمطلتين على يداتها. بعدين ركعت وسجدت لله الحي الدايم وشكرت رب سيدي إبراهيم، لأنه هدانا في الطريق السوي لنزوّج حفيدة أخو سيدي لولده. ذليحن قولو لي. إذا كنتم باتعملون معروف مع سيدي إبراهيم، أظهرو له الوفاء. وإذا كان لا، فقولو لي علشان نفكّر أه نعمل." فقال لابان وبتوئيل، "إذا كان ذا الأمر من عند الله الحي الدايم، فنحنا ما نقدر نقول لك نعم ولا، لا. ذي البنيّة قدّامك، شلّها معك لتكون زوجة لولد سيدك كما قال الله." فلما سمع خادم النبي إبراهيم كلامهم، سجد لله العظيم شكره. بعدين خرّج جواهر من ذهب وفضّة وثياب وأعطاها لرفيقة، وأيضاً أعطى أخوها وأُمها هداياء ثمينة. وأكل وشرب هو والرجال إلي معه، وبيّتو عندهم ذي الليله. فلما قامو في الصباح، قال الوكيل، "إسمحو لي نرجع إلى سيدي إبراهيم." فقالو له، "خلّ البنيّة عادك عندنا ولو عشرة أيام، بعدين إرحلو." فقال لهم: "لا تؤخرونا يا جماعة. إسمحو لي نرجع إلى سيدي لأن المولى وفّقنا في ذا الأمر." فقالو، "طيّب، إذا كان كذا، بانطّرب على البنيّة وبانسألها عن رأيها." فطرّبو على رفيقة وسألوها، "يا رفيقة، بغيتي باتروحين مع ذا الخادم اليوم؟" فقالت، "نعم باروح." فباركو رفيقة وقالو لها: "يا رفيقة، زيدي وصيري مئات ألوف مؤلفة، وليت نسلكِ يستولى على مدن أعدائه." فقامت رفيقة ومربّيتها وركبن الجمال، ورحلن مع الوكيل الخادم ورجاله الى حبرون الخليل. في ذا الوقت، أيضاً رحل النبي إسحاق من بئر الحي البصير، إلي سمّتها هاجر المصرية الى حبرون الخليل، لأنه كان مُقيم هناك، ووصل قبل الخادم ما يجي بفترة بسيطة. وفي اليل، خرج النبي إسحاق المزرعة يتأمل في الكون، فشاف جمال مُقبلة إليه. في نفس الوقت، شافت رفيقة إسحاق يمشي إلى عندهم، فنزلت من الجمل. وقالت للوكيل، "من ذا إلي جاي علشان يستقبل نحنا؟" فقال الوكيل: "ذا سيدي إسحاق إبن إبراهيم الخليل." فشلّت الحجاب بسرعة وتغطّت. وبعدما وصلو، قال الوكيل للنبي إسحاق بكل ما عمله. فتزوّج إسحاق إبن إبراهيم رفيقة بنت بتوئيل، ودخل بها خيمة أُمه سارة. وأحبّها وتعزّى بها كثير كثير بعد موت أُمه بثلاث سنوات تقريباً.
25
سجل أولاد النبي إبراهيم من حرمته قطورة القحطانية
وشل النبي إبراهيم عليه السلام حرمة فوق زوجته ساراة، إسمها قطورة من نسل حضرموت بن قحطان إبن عابر، وإسم قطورة معناه بخور. فولدت له ستّه أولاد، وهم زمران ويقشان ومدان ومديان ويشباق وشوحا. ويقشان عنده ولدين، وهم شبا وددان. وددان خلّف ثلاث قبائل، وهم ألأشوريين واللطوشيين واللأميين. ومديان خلّف خمسة أولاد، وهم عيفة وعفر وحنوك وأبيداع وألدعة. كل ذيلا أولاد قطورة وأولاد أولادها، وعاشو في الأرض العربية. وأعطى النبي إبراهيم عليه السلام كل ما يملك لولده إسحاق عليهم السلام لأنه الوريث الوحيد كما وعد ألله القدير من قبل. وايضاً أعطى أولاده من قطورة هداياء كثيرة قبل موته، ورحّلهم الى الأرض العربية، بعيد من ولده النبي إسحاق.
موت الخليل إبراهيم عليه الصلاةُ والسلام
ولما خرج النبي إبراهيم الخليل عليه السلام مع زوجته سارة ولوط إبن أخوه من مدينة حاران، وهي في جنوب تركياء الأن، كان سنّه خمسة وسبعين سنة. وعاش في أرض كنعان مئة سنة متنقلاً من مكان الى مكان. ومات بعد عُمر طويل صالح تقي لله القدير، شيخ شبـع من الحياة، وراح الى أسلافه، وسنّة مئة وخمسة وسبعين سنة. فدفنوه أولاده إسحاق وإسماعيل عليهم والسلام في الكهف، إلي إشتراه أبوهم من الحثيين في حبرون الخليل. في ذا الكهف، دُُفن أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاةُ السلام مع زوجته سارة أُم إسحاق عليه السلام. وبعد موت خليل الرحمن إبراهيم عليه أفضل الصلاة وأتّم الرحمات، بارك الله سبحانه تعالى ولده النبي إسحاق عليه السلام. وسكن النبي إسحاق قريب من بئر الحي البصير، ألي سمّتها هاجر المصرية.
سجل أولاد النبي إسماعيل عليه السلام
ذا سجل مواليد إسماعيل إبن النبي إبراهيم عليهم الصلاة والسلام. ذي إسماء أولاد النبي إسماعيل حسب ترتيب ولادتهم. وكانو إثني عشر ولد. وهم، نبايوت بكر إسماعيل، وقيدار وأدبئيل ومبسام، ومشماع ودومة ومسا، وحداد وتيما ويطور ونافيش وقدمة. كل ذيلا عيال إسماعيل عليه السلام، وسُمّيت قبائلهم بإسماهم. فكانو إثني عشر شيخ لإثنتي عشرة قبيلة عربية. وعاش إسماعيل ابن إبراهيم عليهم السلام، مئة وسبعة وثلاثين سنة وبعدين مات وراح الى أسلافه. وسكن نسله في منطقة حويلة شمال العربية. وكانت حدوده من حويلة الى منطقة شور على حدود مصر، ومن شور الى قبيلة أشور في صحراء سيناء.
رفيقة وولادتها بالعيص ويعقوب
ذا سجل مواليد النبي إسحاق إبن النبي إبراهيم عليهم الصلاةُ والسلام. عندما تزوّج النبي إسحاق رفيقة بنت بتوئيل، أخت لبان الأرامي، كان عُمره أربعين سنة. ولكن رفيقة ما حبلت لمدّة عشرين سنة، لأنها كانت عاقر. فدعاء النبي إسحاق عليه السلام لزوجته كثير، فستجاب الله عزوجل له، فحبلت حرمته بتؤم. فتصارع الجنينان في بطنها، فتألمت كثير. فدعت ألله عزوجل وقالت، "يا رب، ليه يحصل هذا لي؟" فأوحى ألله القدير وقال لها، "يا رفيقة، في بطنكِ أُمّتان ومنّكِ يتفرّع قومان. قوم يقوى على الثاني وألصغير يستعبد الكبير." فلما جات ولادتها، كان في بطنها تؤم كما أخبرها ألله القدير. فخرج الأول، وجسمه مُشعر بشعر أحمر، فسمّوه العيص. بعدين خرج الثاني، ويده قابضة على عرقوب أخوه، فسمّوه يعقوب ومعناه عرقوب. وكان عُمر إسحاق عليه السلام ستين سنة عندما ولدتهم رفيقة. وكبرو الأولاد. وكان العيص صيّاد ماهر، يحب الوديان والسهول، ولكن يعقوب رجل هادي يجلس عند أُُسرته كثير. وكان إسحاق عليه السلام يحب ولده العيص البكر أكثر من يعقوب، لأنه كان يجيب له صيد. أما رفيقة فكانت تحب ولدها يعقوب أكثر. وفي يوم من الأيام، لما كان يعقوب يطبخ، جاء العيص من برّع جوعان. فقال العيص لأخوه يعقوب: "يا خوي، عطنا من ذا الديّر الأحمر، لأننا باموت من الجوع." لذا السبب لُقّب العيص بأدوم، ومعناه أحمر. فقال له يعقوب: "إسمع يا خوي، ما بعطيك أكل لمان تبيع لي حقّك إنك الولد الأكبر." فقال العيص لأخوه يعقوب: "أنا على وشك الموت يا أخوي. آه باينفعنا إننا معي حق الولد الأكبر؟" فقال يعقوب: "ما بعطيك شي أبداً، لمان تحلف لي أولاً." فحلف له العيص، وباع حق الولد الأكبر لأخوه يعقوب. فأعطى يعقوب أخوه خبز حيّف وصانة ديّر. فأكل وشرب لمان شبع. وبعدين قام وراح. فاحتقر العيص حق الولد الأكبر.
26
النبي إسحاق وإبيمالك
عندما سكن النبي إسحاق قريب من بئر الحي البصير، إلي سمّتها هاجر المصرية، جات مجاعة في أرض كنعان كما المجاعة إلّي جات في أياُم النبي إبراهيم عليه السلام. وكان يُفكّر إنه يروح الى مصر، لكن أوحى له الله الحيّ الدايم وقال له، "يا إسحاق، لا تنزل إلى مصر. ولكن إسكُن في الأرض إلّي باقول لك بها. إجلس في ذي الأرض فترة. بكون معك وبباركك أنته ونسلك، لأننا باعطيكم كل ذي الأرض، وبأفي بالقسم إلّي قسمته لأبوك إبراهيم. وباخلّي نسلك كما نجوم السماء وأكثر، وباعطيهم كل ذي الأرض، وبواسطة نسلك ببارك كل أُمم الأرض. لأن أبوك إبراهيم الخليل أطاعنا، وعمل بوصاياي وأوامري، وأحكامي وشرائعي." فأطاع النبي إسحاق كلام الله، وراح الى مدينة جرار وهي جنوب غزّة وجلس فيها فترة طويلة. وكان أهل مدينة جرار يسألونه كثير عن زوجته ويقولون له، "من ذي الحرمه إلّي معك؟" فكان في كل مرّة يقول لهم، "ذي أُختي،" يقول هكذا لأنه فزعان يقول لهم إنّها زوجته. فحس النبي إسحاق أنَّ أهل المدينة بايقتلونه إذا عرفو إنّها زوجتة. وبايشلّونها عليه لأنها كانت جميلة جداً. لكن بعد فترة من الفترات، صدفة شاف ملك جرار من خلفته النبي إسحاق يُلاعب زوجته رفيقة. فأمره أن يجي عنّده بسرعة، فقال له، "يا إسحاق، حقيقي أنا عرفت ذلحين أنّ ذي الحرمة إلّي معك زوجتك. ليه قلت إنّها أُختك؟" فقال له إسحاق عليه السلام، "قلت كذا علشان ماتقتلونا بسببها." فقال الملك وهو غضبان، "أه إلّي لقّيته فينا يا إسحاق؟ حرام عليك، كان سهل على أيّ رجل إنّه يشل زوجتك منك، فتنزل علينا مصيبة عظيمة." وفي الحال أنذر الم لك كل الناس وقال لهم،" أيّ واحد يأذي ذا الرجل أو زوجته، باحكم عليه بالموت." وبعد فترة زرع إسحاق عليه السلام في أرض جرار، فحصد في نفس السّنة مئة ضِعف، لأن الله الحيّ الدايم باركه. وعُظم النبي إسحاق وكُبر إسمه، وزادت أُملاكه، لمّان صار غنياً جداً. فكان عنّده خدم وغنم وبقر وايدات جداً، لمّان حسدوه الفلستينيين أهل جرار وحقدو عليه. فكبسو الآبار إلّي حفروهن عبيد أبوه النبي إبراهيم، وملوهنَ طين. وفوق ذا طرد الملك النبي إسحاق وقال له، "يا إسحاق، أُخرج من عنّدنا، لأنك أصبحت أغنى وأقوى منّنا بكثير." فرحل النبي إسحاق من المدينة وجلس خارجها. وكانت أيضاً آبار للنبي إبراهيم في وادي جرار، فكبسوهنَ الفلستينيين بعد موته، فحفرهنَ أبنة النبي إسحاق مرّة ثانيه. وسمّاهن بالأسامي إلّي سمّاهن أبوه إبراهيم. وبعدين حفرو خدم النبي إسحاق بئر جديدة في وادي جرار، فحصّلو ماء حلو زين. لكن رعاة مدينة جرار تعالقو مع رعاة النبي إسحاق وقالو، "البئر ذي حقّنا." فسمّى إسحاق عليه السلام هذه البئر "بئر النّزاع"، لأنهم نازعوه عليها. وحفرو خدم النبي إسحاق بئر ثانية وتعالقو عليها أيضاً فسمّاها، "بئر العداوة." وبعد ذا رحل النبي إسحاق من هناك وحفر بئر ثالثة، ولكن هذه المرّة ماتعالقو عليها فسمّاها، "بئر الرّحبة"، لأنه قال، "رحبّنا الله فنُثمر في ذي الأرض." بعد فترة رحل النبي إسحاق من وادي جرار إلى منطقة بئر سبع. ولمّا وصل بئر السبع في ذيك الليلة، أوحى له الله الحيّ الدايم وقال له، "يا إسحاق، أنا إله خليلي إبراهيم، لا تخاف، لأننا معك. بباركك وباكثّر نسلك علشان وعدي مع أبوك إبراهيم." فبنى إسحاق عليه السلام هناك مكان لتقديم قربان الأُضحية، وبتهل إلى الله الحيّ الدايم وسبّحه. وبعد ذا نصب خيمته، وبدئو خدمه يحفرون بئر. وبعد فترة جاء عنّده ملك مدينة جرار، ومستشاره الخاص وأسمه حُزات وقائد جيشه. لكن إسحاق عليه السلام قال له، "ليه جيت ياملك لمّان عنّدي، وإنته تكرهنا وطردتنا من عنّدكم؟" فقال له، "عرفنا ذلحين أنّ الله العظيم معك. فلازم تكون بيننا وبينك إتفاقيّة، فنعمل معك معاهدة سلام. فلا تعمل فينا سوء أو تغدر بنا كمانحنا ما نعملنا فيك شر أبداً. نحنا دايماً عاملناك بالطيب ولكرم. ولمّا خرّجناك من عنّدنا، خرّجناك بسلام. فذلحين نسأل ألله الحّي الدايم إنه يستمر يُباركك." فوافق النبي إسحاق على كلام الملك فعمل لهم وجبة أكل علشان المعاهدة بينهم، فكلو وشربو عنّده. وفي الصباح بدري، حلفو على معاهدة السلام بينهم البين، وودّعهم النبي إسحاق، فراحو من عنّده بسلام. وفي نفس ذاك اليوم جاو خدم النبي إسحاق وأخبروه عن البئر إلّي بدؤ يحفرونها قبل فترة وقالو، "حصّلنا ماء." فسمّاها بنفس الإسم إلي سمّاها أبوه النبي إبراهيم زمان، وهي بئر سبع ومعناها الحليف أو رقم سبعه. فمن هذا اليوم قع هذا مكان، "بئر السّبع." ولمّا بلغ العيص أبن النبي إسحاق أربعين سنة، تزوّج بنت أسمها "عدّة" بنت أيلون الحثّي. وأيضاً تزوّج بنت أسمها، "هولامة" بنت عنّة حفيدة صبعون الحوّي. فكنن سبب لحزن النبي إسحاق وزوجته رفيقة.
27
النبي إسحاق يُبارك يعقوب عليهم السلام
ولمّا شيّب النبي إسحاق وضعف نظره، طرّب على ولده الكبير العيص إلّي يحبّه أكثر وقال له، "يا ولدي،" فقال له، " نعم يا أبوي." فقال النبي إسحاق، "أنا شيّبت يا ولدي، ولا انا عارف متى بايجي يوم وفاتي. قم وشل سهاُمك وقوسك، وخرج إلى الصحراء وصد لي صيد. واعمل لي أكلَ شهي زين إلّي نحبّه وهته لنأكله علشان نُُباركك قبل مانموت." وكانت رفيقة زوجة النبي إسحاق، تتنصّت لكلام زوجها مع ولده. ولمّا راح العيص إلى الوادي ليصيد صيد لأبوه، قالت رفيقة لولدها يعقوب، "يا ولدي، سمعت أبوك ذلحين يقول لأخوك العيص، هت لي صيد، وأعمل لي الأكلَ الشّهي الزّين إلّي نحبّه، فأُباركك في محضر الله الحيّ الدايم وبين يديه قبل ما نموت. فذلحين يا ولدي، إسمع لي وإعمل كما باقول لك. رح وهت لي إثنين طليان علشان نعمل لأبوك الأكل الشّهي الزّين إلّي يحبّه. فتُقدّمه إنته لأبوك، ليأكل علشان يُباركك قبل ما يموت." لكن يعقوب قال لأُمه، "أخوي العيص مُشعر، وأنا بدون شعر يمكن يلمسنا أبوي، فيعرف إنّنا نحاول نخدعه، فنحصّلّي لعنة من أبوي بدل البركة." فقالت له أُمه،" لا تخاف، خلّ اللعنة تنزّل عليّ أني يا ولدي، قم بس أعمل كما قلت لك به، رح جب لي أثنين طليان بسرعة." فراح يعقوب وجابهن لأُمه. فعملت رفيقة الأكل الشّهي إلّي يحبّه أبوه. بعدين جابت رفيقة أحسن ثياب العيص ولدها الكبير، إلّي كنن موجودات معها في الدار، ولبّست يعقوب ولدها الأصغر. وأيضاً غطّت يدّاته ورقبته بجلد غنم. وعطته الأكل الزّين والخبز إلّي عملته. فدخل يعقوب لمّان عنّد أبوه وقال، "يا أبوي." فقال له إسحاق عليه السلام، "نعم يا ولدي، من إنته، العيص أو يعقوب؟" فقال يعقوب لأبوه، "أنا العيص بكرك، شفنا جبت لك كُلَ ما طلبت منّي، قم يا أبوي وجلس وكُلَ من صيدي علشان تباركنا." فقال النبي إسحاق، "كيف حصّلت صيد بذي السرعة يا ولدي؟" فقال له، "إلهك الحيّ الدايم يسّر لي." فقال النبي إسحاق، "تعال، قرب عنّدي علشان نلمسك يا ولدي. بغيت باعرف إن كنت فعلاً العيص ولدي ولاّ لا." فقرب يعقوب من أبوه النبي إسحاق، فلمسه وقال له، "الصوت صوت يعقوب، لكن اليدّات يدّات العيص." وما عرفه إنّه يعقوب، لأن يدّاته كنن مُشعرات كما يدّات أخوه العيص. فقال، "هل أنته حقيقي العيص يا ولدي؟" فقال له، "نعم." بعدين قال أبوه، "قدّم لي يا ولدي من صيدك، لنأكل فنباركك." فقدّم له فأكل وأعطاه عصر عِنب فشرب. فقال له أبوه، "حُضنّا يا ولدي." فقرب منّه وحضنه. فروح النبي إسحاق رائحة ثيابه. فأخيراً باركه وقال، "إنَّ رائحة ولدي كما رائحة أماكن الصيد باركها الله. ألله يباركك أنته ونسلك، ويعطيك من قطر السماء وخيرات الأرض محاصيل وايدة. أُمم وايدة تخدُمكم وقبائل تُوطّي قدّاُمكم. كن سيّد على أهلك. مَنَ يلعنك يكون ملعون، ومن يُباركك يكون مُبارك." ولمّا إنتهى النبي إسحاق من مُباركة يعقوب، خرج يعقوب من عنّد أبوه. وعلى طول رجع العيص من صيده بعدما خرج أخوه يعقوب. وعمِل أيضاً أكل شهي زين، وجابه لمّان عنّد أبوه وقال، "يا أبوي، قم وكُلَ من صيدي علشان تُباركنا." فقال له النبي إسحاق أبوه، "من أنت؟" فقال، "أنا العيص بِكرك." ففتجع النبي إسحاق كثير وقال، "من هذا إلّي صاد لي صيد وجابه عنّدي؟ وكذ كلَت منّه لمّان شبعت قبل ما تجي بشويّه، وباركته. وحقيقي بايكون مُبارك." فلمّا سمع العيص كلام أبوه، صاح صيحة قويّة وحزينة جداً، وقال لأبوه، "طيّب يأبوي، باركنا أنا باركنا!" لكنّه قال له، "يا ولدي، جاء أخوك وخدعنا وشل بركتك." فقال العيص، "أما إسم يعقوب إسم على مُسمّى؟ فهوّ خدعنا كمّين مرّة. مرّة شل حقي إنّه الولد البكر، وذلحين يشل بركتي؟ يأبوي، عاد شي بركة لي ولاّ لا؟ " فقال له النبي إسحاق، "يا ريت يا ولدي، وفوق هذا أنا خلّيته سيّد عليك وعلى كل أقربائك، ودعيت له الله إنّه دائماً يعطيه من الخيرات محاصيل وايدة. فأه نعمل لك ذلحين يا ولدي؟" فقال العيص لأبوه، "طيّب، عاد شي عنّدك ذلحين حتى بركة وحده؟ باركنا أنا أيضاً يأبوي!" فبكى العيص بصوت قوي فقال له إسحاق عليه السلام، "يا ولدي العيص، بايكون مسكن نسلك بعيد من الأرض الزّينه، بعيد من قطر السماء. بايعيشون في قتال وبايخدمون أخوهم، ولكن بعدين يتحرّرون منّهم."
يعقوب يهرب لمّان عنّد خاله لابان
فحقد العيص على أخوه يعقوب، لأن أبوه بارك يعقوب وما باركه. فقال العيص في نفسه، "قريب بايموت أبوي. وبعد ما يموت، باقتل أخوي يعقوب." لكن لمّا سمعت أُمهم إن العيص بايقتل أخوه يعقوب، وصّت بسرعة وطرّبت على يعقوب ولدها الصّغير وقالت له، "يا ولدي يعقوب، أخوك العيص ناوي يقتلك. فليه نخصركم أنتو الأثنين في يوم واحد؟ فسمع كلامي ذلحين، قم وهُرب لمّان عنّد خالك لابان أخوي، في حاران أرض أراُم بعيد من هنا. وجلس عنّده بعض الوقت لمّان يهدأ زعل أخوك. ولمّا ينسى أه عملته فيه، برسل لك خبري علشان ترجع لمّان هنا." وأيضاً قالت للنّبي إسحاق زوجها، "كرهت حياتي كثير بسبب حريم العيص الكنعانيّات. إن كان ولدي يعقوب أيضاً بايشل زوجة كنعانيّه من بنات ذي البلاد كما حريم العيص، فأحسن لي نموت."
28
يعقوب يرحل لمّان عنّد خاله لابان
فطرّب النبي إسحاق على ولده يعقوب، وباركه وأوصاه وقال له، "إسمع يا يعقوب، لا تتزوّج بنت من بنات كنعان أبداً. ولكن أرحل إلى أرض حاران في شمال أرض سوريا إلى بيت جدّك بتوئيل، وتزوّج بنت من بنات خالك لابان. الله القدير بايباركك وبايجعلّك ذرّيّة كثيرة، فتكون أُمّه تتفرّع منّها قبائل وايدة. وبايعطيك ألله إنته ونسلك البركة، إلّي أُعطيت لجدّك النبي إبراهيم. هذه الأرض أعطاها الله القدير لخليله إبراهيم إلي عاش فيها كما الغريب. فتورث الأرض أنته ونسلك إلّي تعيش فيها ذلحين كما الغريب." فهكذا أرسل النبي إسحاق ولده يعقوب. فرحل إلى أرض حاران لعنّد خاله لابان بن بتوئيل الأراُمي، أخو رفيقة أُم يعقوب والعيص. فعرف العيص أن أبوه النبي إسحاق بارك أخوه يعقوب، ورحّله إلى أرض حاران ليتزوّج من هناك. وأيضاً عرف إنّه لمّا باركه، أوصاه وقال له، "لا تتزوّج من بنات الكنعانيين." وعرف أيضاً أن يعقوب سمع كلام أبوه وأُمّه، ورحل إلى أرض حاران. فلمّا شاف العيص أن أبوه النبي إسحاق ماهو راضي على الثنتين الحريم الكنعانيات إلي تزوجهن، رحل إلى منطقة حويلة شمال العربية إلى بيت عمّه النبي إسماعيل أبن النبي أبراهيم. وتزوّج بنت من بناته. وإسمها، بسمة أخت نبايوت بكر النبي إسماعيل.
حلم النبي يعقوب في بيت إيل
وخرج يعقوب من بئر السّبع، ورحل بتّجاة حاران في شمال أرض سوريا. وفي وقت المغرب وصل الى مكان يبعد شمال القدس بخمسة عشر كيلو تقريباً، فجلس فيه هذة الليله. فشل حصاة وطرحّها تحت رأسه ونام. فشاف في رؤياء درج، طوله من الأرض إلى السماء، وملائكة الله يطلعون وينزّلون عليه. والمولى الحي الدايم واقف فوقه ويقول، "يا يعقوب، أنا المولى إله أبوك إبراهيم وإله إسحاق إلّي عملت معهم عهدي. الأرض إلّي إنته نيم عليها ذلحين هي أرض كنعانية، ولكن بأعطيها لك ولنسلك من بعدك وبايكون نسلك كما نجوم السماء وأكثر، فينتشرون في الغرب والشرق والشمال والجنوب. وبواسطتك أنته ونسلك ببارك كل أُمم الأرض. أنا بحميك في كل مكان تروح له، وبارجعّّك بسلام إلى ذي الأرض. وما بتركك أبداً وباعمل بكل ما وعدتك به." بعدين ثار النبي يعقوب من نومه فخاف وقال، "الله الحيّ الدايم حقيقي في ذا المكان، وأنا مانا عارف! ذا المكان مُقدّس وطاهر! ذا بيت الله وهو باب الى السماء." وفي الصّباح بدري، شل النبي يعقوب الحصاة إلّي طرحّها تحت رأسه، وركزها كما العمود وصب عليها زيت الزيتون علامة كما إنه قدّم أُضحية لله. وسمّى ذا المكان، "بيت إيل" ومعناه بيت الله. ونذر النبي يعقوب نذر لله وقال، "إذا كان الله معي وحمانا في ذي الرحلة، ورزقنا خبز نأكله ولِبس نلبسه، ورجّعنا بالسلامة إلى دار أبوي كما وعدنا ألله، بايكون الله الحي الدايم إلهً لي. وذي الحصاة إلّي قوّمتها عمود، باتكون علامة بيت الله القدير إلي في السماء. وباعطي الله العُشر في كل ما يرزقنا به."
29
النبي يعقوب عليه السلام في حاران
وستمر النبي يعقوب في رحلته إلى الشمال لمّان وصل إلى مدينة حاران. فشاف من بعيد بئر في الوادي، وثلاث مجموعات غنم ورعيان جالسين عنّد البئر ينتظرون لمّان يجون الرّعاه كلهم ليسقون غنمهم. وكان على رأس البئر حصاة كبيرة. وكانت هكذا عادة عنّدهم، لمّا يجتمعون كلهم يدحرجون الحصاة ويسقون غنمهم مرّه وحده. ولمّا وصل النبي يعقوب عنّد البئر قال لرعاة، "يأخواني، هل هذي مدينة حاران؟ " فقالو الرعاه، "نعم هذي حاران." فقال لهم النبي يعقوب، "هل تعرفون لابان حفيد ناحور؟" فقالو له، "نعم نعرفه، ليه؟" فقال لهم، "هل هو بخير؟" فقالوله، "نعم هوّ بخير، وذيك راحيل بنته جايه مع الغنم." فقال النبي يعقوب، "عاده الوقت بدري ليتجمّعن كل الغنم ذلحين، يا رعاة قومو وسقو غنمكم وشلّوهن ليرعين." فقالو له، "ما بنقدر له، لمّان يجتمعون كل الرعيان، فنقدر ندحرج الحصاة من رأس البئر ونسقي الغنم." وعنّدما كان يكلّمهم، وصلت راحيل مع غنم أبوها، لأنها كانت أيضاً راعية. فلمّا شاف النبي يعقوب راحيل بنت خاله لابان ومعها غنم خاله، راح بنفسه ودحرج الحصاة الكبيره من رائس البئر، وسقى غنم خاله. وقال لها: "يا راحيل، أنا يعقوب، أبوكِ لابان هو خالي وأنا إبن رفيقة عمّتكِ." بعدين صافح النبي يعقوب راحيل وبكاء بصوته كلّه وهو فرحان. فراحت راحيل بسرعه وقالت لأبوها. ولمّا سمع لابان خبر يعقوب إبن أخته، قام وراح تو وقابله. فحضنه وشمشمه وجابه لمّان داره. فقال له النبي يعقوب بكل الأُمور إلي حصلت معه. فقال لابان، "لا تخاف يا يعقوب لاتخاف، فأنت من لحمي ودمّي."
زواج النبي يعقوب
وبعدما جلس النبي يعقوب عنّد خاله وشتغل معه لمدّة شهر تقريباً، قال لابان للنبي يعقوب إبن إسحاق، "باقول لك يا يعقوب، هل لأنك ولد أختي تخدمنا بلاش؟ قل لي، كم بغيت راتبك؟" وكان عنّد لابان ثنتين بنات. الكبيرة إسمها ليئة والصغيرة إسمها راحيل. وكانت ليئة عنّدها عيون رقيقة حسّاسة، وأما راحيل فكانت حلوة الشكل وحسناء. فأحب النبي يعقوب راحيل من البدايه، فقال لخاله لابان، "يا خال، باشتغل عنّدك سبع سنين مقابل إنّك تزوّجنا راحيل بنتك الصغيرة." فقال لابان، "أنا باعطيك إيّاها، خير لي من إنّنا نعطيها رجل ثاني. فجلس عنّدي." فخدم النبي يعقوب خاله سبع سنين، وشتغل عنّده علشان يتزوّج بنته راحيل، فمرّت ذي السنين بسرعة في نظر النبي يعقوب، لأنه كان يحب راحيل كثير كثير. وبعدما إنتهت السبع السنيين، قال النبي يعقوب لخاله لابان، "يا خال، زوّجنا بنتك راحيل الصغيرة، لأننا كمّلت سنين شُغْلي." فعزم لابان كل أهل المنطّقه وعمل لهم وليمة. وفي الليل شل بنته ليئه الكبيرة، ودخّلها على النبي يعقوب. وكان النبي يعقوب ما يعرف أنّها ليئه. فلمّا طلع الصبح، زعل النبي يعقوب كثير وقال لخاله لابان، "أه عملت فيّ يا خال؟ أنا خدمتك سبع سنيين علشان تزوّجنا راحيل، ليه زوّجتنا أختها ليئه، ليه خدعتنا؟" فقال له لابان، "أهداء يا يعقوب، ما هي من عادات بلادنا إن نحنا نزوّج الصّغيرة قبل الكبيرة. أوّلاً كمّل أسبوع عرسك ذا، بعدين بازوّجك الصغيرة أيضاً، بشرط إنّك تخدمنا وتشتغل عنّدي سبع سنين ثانيه." فوافق النبي يعقوب. وبعدما كمّل أسبوع عرسه مع ليئة، أعطاه لابان بنته راحيل زوجة له. فدخل النبي يعقوب على راحيل أيضاً وحبّها أكثر من ليئة. وأعطى لابان خادمتين لبناته. الأُولى أسمها زلفه، لتكون خادمة لبنته الكبيرة ليئة. والثانيه أسمها بلهه، لتكون خادمة لبنته الصغيرة راحيل. وإستمر النبي يعقوب يشتغل عند خاله لابان سبع سنين ثانيه.
أولاد النبي يعقوب
ولمّا شاف الله القدير أن ليئة ما هي محبوبة عنّد النبي يعقوب، خلاّها تحبل وتجيب عيال. أما راحيل فكانت عاقر. فحبلت ليئة وولدت بولد وسمّته رأوبين، لأنها قالت، "الحمد لله، شاف الله ذُلّي، فذلحين بايحبّني زوجي." وبعد فترة حبلت مرّة ثانية وولدت ولد وقالت، "سمع الله القدير إنّي ماني محبوبة، فرزقني ذا الولد أيضاً." وسمّته شمعون، ومعناه ألله سميع. بعدين حبلت مرّة ثالثة وولدت بولد فقالت، "أكيد ذلحين زوجي بايُحبّني، لأنني ولدت له ثلاثة أولاد." وسمّته لاوي. بعدين حبلت رابع مرّة وولدت بولد وقالت، "أما ذي المرّة، نحمد الله الحيّ الدايم." وسمّته يودا. بعدين وقفت من الحباله لمُدّة فترة.
30
النبي يعقوب وزوجاته
فلمّا شافت راحيل إنّها ما حبلت، غارت من أُختها وقالت للنبي يعقوب، "عطني أولاد وإلاّ باموت." فغضب النبي يعقوب من كلامها وقال، "هل أنا مكان الله القدير إلّي حرمك من الولادة؟" فقالت له، "طيّب، عندي حل، ذي خادمتي بلهه، إدخل عليها فتولد لي. ومن طريقها بايكونون لي أيضاً أولاد." فأعطته خادمتها بلهة كزوجة له، فجامعها النبي يعقوب، فحبلت وولدت له ولد فقالت راحيل، "برّرني الله القدير إنّه سمع طلبي وعطاني ولد." وسمّته دان. بعدين حبلت بلهة خادمة راحيل ثاني مرّة، وولدت ولد. فقالت راحيل، "صارعت أُختي صراع عنيف معي، ولكنّني هزمتها." وسمّته نفتالي. فلمّا شافت ليئة أنّها توقّفت من الولادة، شلّت زلفة خادمتها، وأعطتها للنبي يعقوب كزوجة له. فولدت زلفة خادمة ليئة بولد. فقالت ليئة، "حظّي زين." وسمّته جاد وولدت زلفة خادمة ليئة ثاني مرّة بولد. فقالت ليئة، "أني فرحانه، ويطرّبن عليّ الحريم ويقلن، يا الفرحانه." وسمّته أشير. وفي موسم حصاد البر خرج راوبين إلى المزارع، فحصّل نبات اللفاح، والثمر هذا يُساعد على أنجاب الأطفال. فجاب من ثمر اللفاح لمّان عنّد أُمه ليئة. فقالت لها راحيل، "يا ليئه، عطيني من ثمر لفاح إلي جابه ولدِك." فقالت ليئة، "كفايه إنّش شلّيتي زوجي منّي! هل باتشلّين ثمر لفاح ولدي أيضاً؟" فقالت راحيل، "عطيني من هذا الفاح، وإني باخلّي يعقوب ينام عنّدك ذي الليلة." فوافقت ليئه. فلمّا رجع النبي يعقوب في المغرب من رعي الغنم، خرجت ليئة تستقبله وقالت له، "يا يعقوب إنته باتنام عنّدي ذي الليلة، لأنني أستأجرتك بثمر لفاح ولدي." فنام النبي يعقوب عنّدها ذيك الليلة. فستجاب الله القدير لليئة، فحبلت وولدت ولد خامس. فقالت ليئة، "جازاني الله القدير خير، لأنني أعطيت خاديتي لزوجي." وسمّته يساكر. وحبلت ليئة مرّة ثانيه وولدت ولد سادس، فقالت، "أهداني الله القديرهديّة ثمينة وغاليه. فذلحين بايُكرمني زوجي ويحبّني أكثر، لأنني ولدت له ستّة أولاد." وسمّته زبولون. بعدين ولدت ببنت وسمّتها دينة. وبعد سبع سنين من زواج النبي يعقوب من بنات لابان، رحم الله القدير راحيل وما نساها، فستجاب دُعاها. فحبلت وولدت بولد وقالت، "الله القدير بعّد عار العقم منّي." وسمّته يوسف ومعناه "زيادة." ودعت وقالت، "يا المولى الحيّ الدايم، عطني ولد ثاني.
النبي يعقوب يُطالب خاله لابان بحقوقه
وبعد فترة من ولادت راحيل بيوسف، قال النبي يعقوب للابان، "يا خال، خلّنا نرحل من هنا ونرجع إلى بلادي. أنا باشل زوجاتي وعيالي إلّي خدمتك مُقابلهم أربع عشر سنه وبارحل. فأنت تعرف حقيقي كيف خدمتك وشغلت عنّدك." فقال له لابان، "إذا كنت راضي عليّ، فأرجوك إنّك تبقى عنّدي، لأننا عرفت أنّ الله القدير، باركنا ورزقنا بسببك. فقل لي، كم أُجرتك وراتبك، وأنا باعطيك أيّاه." فقال له النبي يعقوب، "إنته تعرف كيف خدمْتك وشتغلت لك، وتعرف كيف تكاثرت غنمك تحت رعايتي. أموالك كانت قليلة. ولكن بعدما جئت عنّدك، صارت كثيرة جداً. َ المولى الحيّ الدايم باركك ورزقك بسببي. ولكن ذلحين كيف نعمل شي لأولادي وأُسرتي؟" فقال لابان، "طيّب، أه من راتب بغيت؟" فقال له النبي يعقوب، "ماشي داعي تعطينا شي، ولكن إسمع إلي باقولك به. وإذا وافقت أنا باستمر برعى غنمك. اليوم بامشي بين غنمك كلهن، وبعزل منّهن كل ما فيهن نقط أو بُقع من الغنم الصّافيات. وأنا بارعى الغنم الصّافيات بس. وكل ما يولدن الغنم الصافيات غنم فين نقط أو بقع يكنن راتبي وأُجرتي. وبعدين باتعرف أنّ راتبي واضح قدّامك، وإنّنا كنت أمين على غنمك. فأيّ وقت تجي عنّدي وتحصّل غنم صافيات في مكاني، فهو مسروق." فعنّدما سمع لابان ذا الكلام فرح كثير لأنه صعب على يعقوب يحصّل غنم بفكرته هذة. فقال له لابان، "إتفقنا على كلامك ذا يا يعقوب." ولكن لابان ما عنّده ثقة في النبي يعقوب، فعزل بنفسه في نفس اليوم الغنم إلّي فيهن نقط أو بقع من الغنم الصّافيات، وعطاهن أولاده ليهتمون بهن. وبعدين عمل لابان فرق مسافة ثلاثة أيام بينه وبين النبي يعقوب ومواشيهم. فبقين غنم لابان الصّافيات عنّد النبي يعقوب ليرعاهن. وكان النبي يعقوب عنده فكرة من قبل كيف يحصل على غنم. وكنن الغنم يجين عنّد مكان الشرب ويتزاوجن هناك في موسم التزاوج. فشل النبي يعقوب أغصان من بعض الشجر، وقشّر فيهن خطوط بيض، فكشف إلّي تحت القشرة من بياض. بعدين لمّا يجين الغنم القويات عند مكان الشرب ويتزاوجن، كان النبي يعقوب يركّز الأغصان قدّامهن ليقدرن يشفن الأغصان. فيولدن غنم قويات فيهن نقط أو بقع بقدرة ألله. أما الغنم الضعاف فكان النبي يعقوب ما يركّز الأغصان قدّامهن. فكنن الغنم الضّعاف للابان، والغنم القويّات للنبي يعقوب. فهكذا اغتنى النبي يعقوب جداً، فكثرت غنمه وعبيده وجواريه وجماله وحميره .
31
النبي يعقوب يهرب من خاله لابان
وسمع النبي يعقوب أن أولاد لابان زعلاين جداً وكانو يقولون، "أستولى يعقوب على كل أموال أبونا، وجمع كل هذه الثروة من أملاكه." وشاف النبي يعقوب، أن معاملة لابان أيضاً تغيّرت من ناحيته، ومعادها كما أوّل. فقال الله القدير للنبي يعقوب، "يا يعقوب، إرجع إلى أهلك في أرض كنعان، الأرض إلّي أنا عطيتها إلى آبائك إبراهيم وإسحاق، وأنا باكون معك." فطرّب النبي يعقوب على زوجاته راحيل وليئة، وجابهن لمّان مكان رعي الغنم. وقال لهن، "سمعن يا حريم، شفت معاملة أبوكن لي تغيّرت ومعادها كما أول. ولكن إله أبائي معي. أنتين تعرفن إنّنا خدمت أبوكن بكل قوّتي سنة بعد سنة. أما هو فغدر بي، وغيّر أجرتي وراتبي كمّين مرّة. لكن الله القدير كان دائيماً يحفظنا منّه علشان ما يغلط عليّ. فإن قال، "أجرتك وراتبك الغنم إلّي فيهن نقط،" ولدن كلهن غنم فيهن نقط. وإن قال، "أجرتك وراتبك الغنم إلّي فيهن خطوط،" ولدن كلهن الغنم وفيهن خطوط. هكذا شل الله القدير مواشي أبوكن وعطانا أياهن. وفي وقت تزاوج الغنم، شفت في رُأياء، أنَ كل الذّكور إلّي تتزاوج مع الغنم فيهن خطوط ونقط وبقع. وقال لي ملاك الله في الرُآياء، "يا يعقوب!" فقلت، " نعم" فقال لي، "شف كل الذكور إلّي تتزاوج مع الغنم، فيها خطوط ونقط وبقع، لأن ألله القدير شاف كل ما عمله لابان معك. هو الله القدير إلّي ظهر لك في بيت إيل. وأنته صبّيت زيت الزيتون على عمود الحصاة وقبلت عهده لك. ووعدت ألله ونذرت له إنك تعبده وحده. فذلحين قم ورحل من ذي الأرض ورجع إلى بلادك مسقط رائسك." فقالت راحيل وليئة، "نحنا موافقات، لأن نحنا مالنا ميراث في أملاك أبونا. وثاني حاجه هو عامل نحنا كأنّنا غريبتين، وثالث حاجه هو باعنا وأكل ثمننا. ورابع حاجه، أصلاً الثّروة إلّي شلّها الله القدير من أبونا، هي لنا ولأولادنا. يعني مختصار إعمل بكل ما قال لك الله ونحنا معك." فقام النبي يعقوب وطرح أولاده وزوجاته على الجمال، وساق كل مواشيه قدّامه. وشل كل الأشياء إلّي كسبها في أرض حاران، ورحل إلى أبوه النبي إسحاق في إتّجه بلاد كنعان. وقبل ما يرحلون، سرقت راحيل ترافيم بركت أبوها إلّي يجيب له البركة. وكان أبوها إتفقّد غنمه بعيد، وكان مشغول جداً. وخرج النبي يعقوب من عنّد خاله لابان، وما قال له بأنّه راحل من عنّده. وهرب بكل أمواله، وعبر نهر الفرات وأتّجه إلى الجنوب لمّان منطيقة جبال جلعاد، شرق نهر الأردن.
لابان يُطارد النبي يعقوب
وبعد ثلاثه أيام من خروج النبي يعقوب، عرف لابان بأن النبي يعقوب هرب فغضب عليه. فشل معه مجموعة من أقاربه، وبسرعة تابع النبي يعقوب. وبعد سبعة أيام لحق لابان بالنبي يعقوب في منطقة جبال جلعاد. وكان يعقوب عليه السلام قد نصب خيمته هناك، وأيضاً نصب لابان وأقاربه خيامهم. وفي ذيك اللية كلّم الله لابان الأرامي في رؤياء وقال له، "يا لابان، إنتبه تعامل يعقوب بشر." وفي الصّباح قال لابان للنبي يعقوب، "يا يعقوب أه عملت فيّ؟ إنته خدعتنا وشلّيت بناتي كما أسرى الحرب. ليه هربت في السّر وخدعتنا؟ ليه ما قلت لي إنّك باترحل؟ كنت باعمل لك عزومة وداع كبيرة. بعدين ما خلّيتنا حتى نشمشم أحفادي ونحضن بناتي. إنته تصرّفت بهبالة." فقال النبي يعقوب للابان، "أنا فزعت إنّك تشل بناتك منّي بالقوّه." فقال لابان، "أنا نقدر ذلحين نعمل فيك شر، ولكن إله أبائك حذّرنا وقال لي ليلة البارحة، "إنتبه تعامل يعقوب بشر،" فأنا خفت أنّنا نعمل فيك شر. وعرفت إنّك رحلت لإنّك اشتقت إلى بيت أبوك إسحاق. ولكن ليه سرقت ترافيم بركتي؟" فقال النبي يعقوب، "إن حصّلت ترافيم بركتك مع أي واحد منّنا، فيكون عقابه الموت. فدوّر قدّام أقاربنا، إن حصّلت عنّدي شي حقّك شلّه." وما كان النبي يعقوب يعرف، أن راحيل زوجته سرقت ترافيم بركت أبوها. فدخل لابان خيمة النبي يعقوب، وخيمة ليئة وخيام الجاريتين فما حصّل شي. بعد ذا دخل خيمة راحيل. وكانت راحيل هي شلّت ترافيم بركت أبوها وخبّتهن في كيس الجمل، وجلست عليه. فقالت راحيل لأبوها، "لا تغضب منّي يا أبوي، لأنَّني مانقدر نقوم قدّامك، لأنَّ عنّدي عادة النساء." برغم إن لابان دوّر في كل شي، ولكنه ما حصّل ترافيم بركته. فزعل النبي يعقوب وعالق خاله لابان وقال له، "أه ذنبي يا خال؟ وأه من غلطة عملتها فيك حتى إنّك تتبعنا؟ أنته دوّرت في كل ما عنّدي، أه حصّلت حقّك؟ طرحه هنا قدّام أقاربي وأقاربك علشان يحكمون بيننا. طول العشرين سنة إلّي جلستها عنّدك، عمرهن غنمك ما سقّطن ولا ولاده. وعمري أبداً ماكلت من كباشك الزّيانً. وإذا جات الذئاب والضباع وأكلت بعض من غنمك، فكنت أنا نتحمّل الخسارة. وكنت دائماً تطلب منّي التعويض عن كل ما يُسرق بالنّهار ولاّ بالليل من الغنم. أنا عملت لك في قوّة حرارة النّهار، وشتغلت لك في شدّة برودة الليل، بدون ما ترتاح عيني في النوم. جلست عنّدك عشرين سنة. خدمتك أربع عشرة سنة مُقابل بناتك، وست سنين مُقابل غنمك. وأنته غيّرت أجرتي وراتبي كمّين مرّة. ولولا أنَ الرب إلي عمل عهده مع جدّي إبراهيم وأبوي إسحاق، الإله إلّي يتّقونه كان معي، لكنت رحّلتنا من عنّدك فارغ اليدين. لكن الله القدير شاف تعبي وعناي، فحذّرك ليلة البارحة." فقال لابان للنبي يعقوب، "يا يعقوب البنات بناتي، والأولاد أولادي، والغنم غنمي. كل ما تشوفه هو لي. ولكن أه نعمل اليوم ببناتي أو بأولادهن؟ فتعال ذلحين نعمل مُعاهدة سلام أنا وإنته، فيكون هذا السلام شاهد بيني وبينك." فشل النبي يعقوب حصاة كبيرة وركزها كما عمود الشهادة ليتذكرونه. وقال لأقاربه، "هاتو حصى." فجابو حصى وعملوهن كومة. بعدين كلو بالقرب من كومة الحصى أكل التفاقية العهد إلّي بيعملونه بينهم. وسمّاها لابان والنبي ويعقوب كومة عهد الشهادة، كل واحد منّهم حسب لغته. وقال لابان، "هذة الكومة تشهد اليوم بيني وبينك." لذا فإن إسمها كومة الشهادة. وقال لابان أيضاً "ليكن الله رقيب بيني وبينك، لمّا نكون بعيدين الواحد من الثاني. إذا عاملة بناتي بالغلط، أو تزوّجت حريم عليهن، حتى إذا ما كان هناك إنسان يشهد، يكون الله هو الشاهد بيني وبينك." فسمّى هذا المكان أيضاً "المصفاة" ومعناة برج الحارس. وقال لابان، "ذي كومة الحصاء وذا العمود إلّي ِركزناه بيني وبينك، يكون شاهد علينا. أنا ما باتجاوزه علشان ما نغلط فيك، وإنته لا تتجاوزه علشان ما تغلط فيّ. وليكن إله إبراهيم وإله ناحور حاكم بيننا." فحلف النبي يعقوب بالإله إلّي يتّقيه أبوه إسحاق. وقدّم النبي يعقوب أضحية هناك، وعزم أقاربه. وبعد ما أكلو، نامو هذة الليلة. وقام لابان في الصباح بدري، وشمشم أحفاده وحضن بناته وباركهم. وبعدين رجع إلى داره في حاران أرض أرام شمال سوريا.
32
النبي يعقوب يستعد للقاء أخوه العيص
وستمر النبي يعقوب في طريقه من منطقة جبال جلعاد إلى أرض كنعان. وعندما وصل بالقرب من نهر يبوق وهو جنوب جبال جلعاد، قابلوه ملائكة الله القدير. فلمّا شافهم قال، "هذا جيش الله العظيم" وسمّى ذاك المكان "محنايم" ومعناة معسكران. وكان العيص أخو النبي يعقوب يسكون في منطقة أدوم في جبال سعير، وتقع هذة الجبال مابين البحر الميت وخليج العقبة. فأرسل النبي يعقوب بعض من رجاله قدّامه إلى أخوة العيص. وأوصاهم وقال، "إسمعو، عنّدما تقابلون أخوي العص قولوله أخوك يعقوب يقول لك، الأمر أمرك وهو تحت طلبك، أنا رحلت إلى عنّد خالي لابان في مدينة حاران، وجلست وشتغلت عنّده كل هذة الفترة لحد اليوم. ولكننا قررت إننا نرجع إلى مصقط رأسي في كنعان. وعنّدي عبيد وجواري وبقر وغنم وحمير. وأرسلت لك رجالي ذيلا قدّامي علشان ترْضى عليّ." ولمّا رجعو الرجال إلى عنّد النبي يعقوب، قالو له "يا سيّدنا، رحنا لمّان عنّد أخوك العيص، وهو ذلحين جاي إلى عنّدك ليُقابلك، ومعه أربع مئة رجل." فخاف النبي يعقوب جداً وتضايق. فقام وقسّم قومه إلّي معه، والجمال والبقر والغنم إلى مجموعتين. وقال لنفسه، "إذا جاء أخوي العيص وهجم على مجموعه، يمكن المجموعه الثانيه تنجو من يده." فقام النبي يعقوب يُصلّي لله وقال، "يا إله الحيّ الدايم إنته إله جدّي إبراهيم وإلهَ أبوي إسحاق، أيّها المولى يامن قلت لي، أرجع إلى أرضك وأهلك وأنا بحسن إليك وباكرمك. أنا ما نستحق كل المعروف إلّي عملتة معي، والوفاء إلّي أظهرته لي أنا عبدك. لمّا عبرت نهر الأردن من قبل عشرين سنه من أرض كنعان إلى مدينة حاران، ما كان معي غير عصاي، أما ذلحين فعنّدي مجموعتين كبيرة ومواشي وايدة. فأتوسّل إلك وأترجّاك إنّك تنجّنا من يد أخوي العيص، لأنَّنا خائف وفزعان إنّه يجي ويقتلنا، ويقتل كل أُم وكل طفل أنته يا قدير قلت لي، "يا يعقوب، أنا بحسن إليك وبباركك، وباجعل نسلك كما رمل البحر فما يعتد من كُثره." بعدما كمّل دعاه، قام ونقّى من مواشيه الزيان هديّة لأخوة الكبير العيص. مئتين شاة وعشرين تيس، مئتين ظانه وعشرين كبش، ثلاثين ناقة حلوب مع أولادهن، أربعين بقرة وعشرة ثيران، عشرين دابه وعشرة حمير. وعطاهن عبيده بترتيب، كل مجموعة من المواشي وحدهن. وقال لهم، "روحو قدّامي، وخلّّو مسافة بين كل مجموعات المواشي. فيستقبل هذه الهدياء قبل ما يقابلنا." ووصّى كل عبد عنده مجموعة من المواشي وقال لهم، "إسمعو، عنّدما تقابلون أخوي العيص ويسألكم، عبيد من إنتو وفين بغيتو؟ وحق مِن ذيلا المواشي؟ فقولو له، "أخوك يعقوب الصغير هو صاحب ذي المواشي. وهو أرسلهن هديّة لك يا سيّدي العيص، وهو نفسه جاي ورائنا." فالنبي يعقوب عمل هكذا علشان يهدّي أعصاب أخوه العيص بالهدايا إلّي تروح قدّامه. فعنّدما يتقابل مع أخوه، لعلّه يرضى عليه. فعبرت مجموعات العبيد مع الهدايا نهر يبوق وراحو قدّام النبي يعقوب، أما هو فتمّى جالس هذه الليلة في نفس المكان.
النبي يعقوب في فنيئيل
بعد فترة بسيطة في ذيك الليلة نفسها، شل النبي يعقوب معه زوجاته وجواريه وأولاده الأحد عشر، وعبر نهر يبوق. وبعدما يزّع أهله كلهم وأمواله إلى الضفة الثانيه من النهر، بقى وحده. فصارعه هناك ملاك ألله في صورة رجل لمّان طلع الفجر. فلمّا شاف الملاك إنّه مغلوب، ضربه على فخذه، فانخلع مفصل فخذ النبي يعقوب. فقال له الملاك، "فكّنا نروح، لأن الفجر طلع وما نقدر نخلّيك تشوفنا." فقال له النبي يعقوب، "مابفكّك لمّان تباركنا وتنجينا من مشاكلي." فسأله الملاك، "أه أسمك؟" فقال له، "يعقوب، متمسك بالعرقوب." فقال الملاك، "إسمك ذا ماهو مناسب لك، أنا بعطيك إسم جديد وهو إسرائيل، لأنَّك تفاوضت وتجادلت مع الملاك فنجحت وتباركت." فقال له النبي يعقوب، "قل لي من أسمك؟" فقال، "ليه تسأل على أسمي؟ أنا مانقدر نعطيك إسمي." وباركه هناك وراح. فسمّى النبي يعقوب أسم المكان "فنيئيل" ومعناه محضر ألله، لأنَّه شاف ملاك الله وجهاً لوجه، ولكنّه نجى بحياته." بعدين شرقت عليه الشمس وهو يخرج من فنيئيل. وكان يعرج بسبب جُرح فخذه. لذا ما يأكلون بني يعقوب عصب الفخض ليذكرو هذه الليله، لأن الملاك ضرب النبي يعقوب على ذاك العصب.
33
لقاء النبي يعقوب وأخوه العيص
وبعدما راح ملاك الله، عبر النبي يعقوب نهر يبوق وجاء إلى أهله. ومن بعيد أخوه العيص جاي ومعه أربع مئة رجل. فقال لأولاده، "يا أولادي كل واحد منّكم يمشي مع أُمّه لِمُقابلة أخوي العيص." فخلّى النبي يعقوب الجاريتين وأولادهن يتقدّمن أولاً، وبعدهم ليئة وأولادها، وأخيراً راحيل وولدها يوسف. أما هو فراح قدّامهم. ولما شاف أخوه، وطّى في الأرض سبع مرات إحترام له. فجاء العيص بسرعه للقاء أخوه، فعانقه وضمّه إلى صدره وشمشمه، وبكو الأثنين من الفرح. فلمّا شاف العيص الحريم والأولاد، قال، "من ذيلا إلّي معك يا أخوي؟" فقال له النبي يعقوب، "ذيلا أولادي إلّي أنعم الله بهم على أخوك الصغير." فجائن الجاريتين وأولادهن، ووطّو إحترام له. بعدين جائت ليئة وأولادها، ووطّو أيضاً أحترام له. وأخيراً جاء يوسف وأمه راحيل، ووطّو أحترام له. فقال له العيص، "أه قصدك في ذيلا المواشي الوايدات إلّي جابوهُن عبيدك الى عنّدي قبل ماتجي؟" فقال له النبي يعقوب، "يا أخوي أنا بغيتك ترضى عليّ." فقال له العيص، "أنا ما نحتاجهن، عنّدي مواشي وايدة، فمواشيك ذي خلّهن لك." فقال له النبي يعقوب، "لا لا، ولكن إذا كنت راضي عليّ، فقبل هذة الهديّة منّي. عنّدما رحّبت بي شفت وجهك كأنّه وجه ملاكّ. أرجوك أقبل منّي هذة البركة، إلّي جبتها لك، لأنَّ الله القدير رزقنا كثير كثير، وعنّدي من كل شي نحتاجه." وألحَّ عليه لمّان قبل. بعدين قال العيص، "قم ياخوي بانروّح من هُنا الى أرضي." فقال النبي يعقوب، "إنته تعرف يا أخوي الكبير أنّ الأولاد صغار، والغنم والبقر إلّي عنّدي يرضعن. إذا مشينا بهُن أكثر من ما يتحملن، أكيد بايمتن. فرح إنته قدّامي يا أخوي، وأنا بامشي على مهلي أنا وأولادي وماشيتي. ولكن أنا أوعدك إننا باجي عندك في أرض سعير في وقت قريب." ثفقال العيص، "طيّب باخلّي معك بعض من رجالي ليُساعدوك." فقال له النبي يعقوب، "ليه؟ ماشي داعي، ولكن كفايه إنّك ترضى عليّ." فوافق العيص وراح في ذاك اليوم ورجع إلى أرضه في سعير. أما النبي يعقوب فوصل إلى مكان شرق الأردن. وبنى لنفسه دار، وعمل أماكن لمواشيه. لذا سُمّي ذا المكان في ما بعد "سكوت"، ومعناه مضلاّت. وأخيراً وصل النبي يعقوب بالسلامة إلى كنعان، ونصب خيامه بالقرب من مدينة شكيم. وكانت قبائل الحويين يسكنون هذه المدينة. وإشترى قطعة الأرض هذة إلّي نصب عليها خيامه من أولاد حمور أبو شكيم بمئة قطعة من الفضة. وعمل هناك مكان لتقديم القُربان لله وسمّاه "الله هو رب يعقوب."
34
دينـــــة بنت النبي يعقوب
وبعد فترة من الوصول الى مدينة شكيم، خرجت دينة الشابة بنت النبي يعقوب إلّي ولدتها ليئة، لِتزور بنات المدينة. فشافها شكيم بن حمور الحوّي، حاكم المدينة. فغُرم قلبه بها وحبّها ولاطفها، فشلّها بالقوّة واغتصبها، وما رجّعها الى بيت أبوها. فقال شكيم لأبوه، "يا أبوي، خطب لي هذة البنت لتكون زوجة لي." وسمع النبي يعقوب أن شكيم لوّث شرف بنته دينة. ولكنّه ما عمل شي، لأن في ذا الوقت أولاده يرعون المواشي في مكان بعيد، فسكت ساكت النبي يعقوب لمّان رجعو. فلمّا رجعو أولاد النبي يعقوب من رعي المواشي، سمعو بما حصل، فغضبو غضب وايد كثير. لأن شكيم أرتكب وعمل أقبح جريمة في حق النبي يعقوب وأولاده، وهذا ما يصح عمله أبداً. وراح حمور مع ولده شكيم لمّان عنّد النبي يعقوب ليُكلّمه في موضوع الخطوبه. فقال حمور لنبي يعقوب وأولاده، "إسمعو، ولدي شكيم قلبه تعلّق ببنتكم. فأرجوكم إنّكم تزوّجوها له. وتصاهرون نحنا، فبهذا تكون بيننا وبينكم معاهدة سلام، فتعطون نحنا بناتكم وتشلّون بناتنا. وتسكنون معنا، الأرض كلها تحت تصرفكم. فتسكنون فيها وتاجرون، وتكسبون فيها أموال وأراضي." وأيضاً قال لهم شكيم بن حمور، "يا ريتكم ترضون عليّ، وكل ما تطلبونه باعطيكم أياه. مهما كان المهر غالي والهدايا، أنا باعطيكم أياه، بشرط تعطونّا بنتكم دينه زوجة لي." فحتالو أولاد النبي يعقوب على شكيم وأبوه حمور وعملو خطّة بينهم البين، لأنَّ شكيم لوّث شرف أختهم ولطّخ سمعتها، فقالو لهم، "سمعو، ما بانقدر نوافق على كلامكم، لا لا لا. ما بنقدر نعطي أختنا لرجل ماهو مختون أبداً، هذا عيب عنّدنا وعار علينا. نحنا بانوافق على طلبكم بشرط واحد. لابد تكونون كمانا أصحب ختان، لازم يختن كل ذكر منّكم. إذا عملتو كذا، بانعطيكم بناتنا وبانشل بناتكم، وبانسكن معكم وبانكون شعب واحد. وإذا ما وافقتو على الختان روحو في حالكم، ونحنا بانشل بنتنا وبانروّح في حالنا، وخلاص." فشاف حمور وولده شكيم أنّ كلامهم معقول. وما تأخّرو على تنفيذ كلامهم، لأنَّ شكيم كان قلبه مقطّب في بنت النبي يعقوب. وكان شكيم مُكرّم جداً ومُحترم في المدينة. ولمّا خرج حمور وولده شكيم من عنّد النبي يعقوب وأولاده، راحو إلى باب مدينتهم ليُكلّمو شيوخ المدينة وعقّالها فقالو، "إسمعو يا ناس إسمعو، نحنا ذلحين جينا من عند هذيلا الغُربة، وهم ناس مُسالميين لنا وطيّبين. فخلّوهم يسكنو في أرضنا وعطوهم الحق إنهم يرعو أغنامهم بحرية، فالأرض واسعة قدّامهم. فهكذا بانتزوّج بناتهم وهم بايتزوّجون بناتنا. لكنّهم طرحو شرط علينا علشان يسكنو معنا ونكون كلّنا شعب واحد. والشرط يقول، "لازم عليكم إنّكم تختنو كل رجُل منّكم كمانا." فبذي الطريق تكون مصالحنا كثيرة، خصوصاً في مواشيهم وأملاكهم وكل بهائمهم. قومو بانتفق معهم علشان يسكنون هنا معنا." فوافقو كل الموجودين عنّد باب المدينة على كلام حمور وولده شكيم، فختن كل ذكر في المدينة. وفي اليوم الثالث عنّدما كانو يتوجّعون من ألم الختان، قامو إثنين من أولاد النبي يعقوب، وهم شمعون ولاوي أخوان ديـنة أشقّاء، وأخوانهم الباقيين وشلّو سيوفهم ودخلو المدينة بدون مُقاومة وهجمو عليهم. فقتلو بالسيف حمور وولده شكيم وكل ذكر في المدينة. وشلّو أختهم دينة من دار شكيم. وبعدين نهبو المدينة كلها، ونهبو كل ما في الديار من أموال. وستولو على غنمهم وبقرهم وحميرهم، وعلى كل ما في المدينة والمزارع. وأسرو كل الحريم والبنات الصغار، إنتقاماً لتلويث شرف أختهم. وعنّدما عرف النبي يعقوب أه عملو أولاده، قال لشمعون ولاوي المسؤولين على هذا كله، "يا عيالي إنتو جبتو لنا الشقّاء والخوف. أنتو ما تعرفو أن ذا الخبر باينتشر بسرعة عنّد الكنعانيين والفرزيين أهل ذي الأرض؟ نحنا منّنا قليل، فإذا إجتمعو أهل ذي الأرض وهجمو علينا، فنُُقتل كلنا!" فقالو له عياله، "يا أبونا، هل معقول إن نحنا نخلّيه يعامل أخْتنا كما الزانيه؟"
35
النبي يعقوب يرجع إلى قرية بيت إِيل
وبعدما حصلت لنبي ليعقوب هذة الأمور المُخيفه، قال الله القدير، "يا يعقوب، قم وطلع إلى بيت إيل وجلس هناك لمدّة فترة. وعمل هُناك مكان لتقديم قربان لله إلّي ظهر لك وكلّمك لمّا كنت شارد من أخوك العيص." وقبل ما يرحل إلى بيت إيل، جمع النبي يعقوب كل أهل داره وكل من كان معه وقال لهم، "إسمعو، جيبولي الآلهة الغريبة إلّي عنّدكم وحاجات الشعوذة، وطهّرو أنفسكم والبسو ثياب نضيفة. وبعدين تعالو بانطلع لمّان بيت إيل. بعمل هُناك مكان قربان لله إلّي أستجاب دُعاي في وقت ضيقي. الله القدير كان معي في كل مكان نروح له." فأعطو النبي يعقوب كل الآلهة الغريبة إلّي كانت عنّدهم، وكرابوّات الشعوذة. فدفنها النبي يعقوب تحت شجرة بلوطة قريب من قرية شكيم، وكانو الكنعانيين يعتقدون إنها شجرة مباركة. وبعد ذا، لمّا رحلو من شكيم إلى بيت إيل، نزّل الله العظيم ألرعب والخوف على كل أهالي القرى المحيطة بمدينة شكيم، فما حد تجرّاء يتبعهم وينتقم منهم. ووصل النبي يعقوب وكل من كان معه إلى بيت إيل وتبعد من مدينة شكيم ثلاثين كيلومتر تقريباً الى الجنوب. فبنى هُناك مكان لتقديم القُربان. فأوحى له ألله القدير وقال له: "يا يعقوب، أنا الله القدير، فثمر واكثر، باتجي منّك أّمّة وجماعة أقوام، ومن صلبك بايجون مُلوك. والأرض إلّي عطيتها لأبائك إبراهيم وإسحاق، باعطيها لك إنته أيضاً ولنسلك من بعدك." بعد ذا إنتهاء كلام ألله مع النبي يعقوب. وركز النبي يعقوب هُناك عمود حصاة. وصب عليه قربان شراب وزيت الزيتون كأنه قدّم أضحية لله العظيم. وبعد هذا ماتت دابرة مرضعة رفيقة أُم النبي يعقوب هُناك، فدُفنت تحت شجرة البلوطة، إلّي في أسفل بيت إيل. فسُمّيت بعد ذا شجرة البكاء.
موت راحيل زوجت النبي يعقوب
وبعد فترة، رحلو من بيت إيل وراحو بتجاه قرية بيت لحم في منطقة أفراتة في الجنوب وتبعد من بيت إيل تقريباً ثلاثين كيلو متر. وفي الطريق بدأت راحيل تولد ولكن تعسّرت ولادتها. وبعد ما ولدت قالت لها المولّدة، "لا تخافي يا راحيل، فأنتي جبتي ولد ثاني." وعنّدما كانت تحتضر، سمّته بن أوني، ومعناه أبن حُزني. أما أبوه فسمّاه بنيامين ومعناه أبن يميني. وماتت راحيل أُم النبي يوسف، ودُفنت في طريق منطقة أفراتة. وركز النبي يعقوب عمود على قبرها، وهو المعروف بأسم، "عمود قبر راحيل."
نسب أولاد النبي يعقوب عليه السلام
كان النبي يعقوب عنّده أثني عشر ولد، فأولاده من ليئة ستّة وهم، رأوبين بكر النبي يعقوب، وشمعون ولاوي ويودا ويساكر وزبولون. وأولاده من راحيل أثنيين وهم، يوسف وبنيامين. وأولاده من بلهة جارية راحيل أثنيين وهم، دان ونفتالي. وأولاده من زلفة جارية ليئة أثنيين وهم، جاد وأشير. ذيلا الأثني عشر هم أولاد النبي يعقوب عليه ألسلام، إلّي ولدو له في أرض أرام لمّا عاش هُناك. وستمر النبي يعقوب في رحلته ونصب خيمته قرب من مكان إسمه برج القطيع، وهو يقع بين قرية بيت إيل وبين حبرون في الجنوب. لمّا كان النبي يعقوب ساكن في ذي المنطقة، كان راوبين زعلان من أبوه النبي يعقوب فتحدّاه. فجامع بلهة خادمة راحيل وجارية أبوه، وسمع النبي يعقوب بما حصل فحزن كثير كثير.
موت النبي الكريم إسحاق عليه السلام
وجاء النبي يعقوب بعد سفر طويل إلى أبوه النبي إسحاق في ممرا بالقرب من قرية أربع، يعني حبرون إلّي سكنها النبي إبراهيم وإسحاق كما الغرباء. وعاش النبي إسحاق مئة وثمانين سنة، ورجع إلى أسلافه شيخ كبير تباركة كل حياتة. ودفنوه أولاده العيص والنبي ويعقوب في المغارة إلّي دُفن فيها النبي إبراهيم وزوجته سارة.
36
نسل العيص أخو النبي يعقوب
ذا سجل مواليد العيص المعروف بإسم أدوم، ومعنا أدوم أحمر. تزوّج العيص حرمتين من بنات كنعان. الألى عدّة بنت أيلون الحثّي، والثانيه هولامة بنت عنّة حفيدة صبعون الحوّي. وأيضاً تزوّج بسمة بنت عمّه النبي إسماعيل أبن إبراهيم أخت نبايوت. فولدت عدّة بنت أيلون ولد إسمه أليفاز. وأليفاز تزوّج وعنده خمسه أولاد وهم، تيمان وأومار وصفو وجعثام وقناز. وأيضاً أليفاز عنّدة جاريه أسمها تمناع، فولدت له ولد واحد أسمه عماليق. وولدت بسمة بنت النبي إسماعيل ولد إسمه رعوئيل. ورعوئيل تزوّج وعنّده أربعه أولاد وهم، نحت وزارح وشمّة ومزّة. وولدت هولامة بنت عنّه ثلاثه أولاد وهم، يعوش ويعلام وقورح. فهذيلا الخمسة عشر هم أولاد العيص وأولاد أولاده إلّي ولدو له في أرض كنعان. وشل العيص زوجاته وأولاده وبناته وكل أهل بيته، وكل مواشيه وكل الأشياء إلّي كسبها في كنعان. ورحل إلى أرضٍ ثانية بعيداً من خوه النبي يعقوب، لأنَّ أملاكهم كانت كثيرة جداً، فما قدرو يسكنون مرّه. فالأرض إلّي كانو فيها ماكانت كافية لمواشيهم. فسكن العيص في جبال سعير وتقع هذة الجبال مابين البحر الميت وخليج العقبة. هذيلا هم رؤساء فخايض قبائل بني العيص. أولاد أليفاز بكر العيص وهم، تيمان وأومار وصفو وقناز، وقورح وجعثام وعماليق، وهم أحفاد عدّة. وأولاد رعوئيل بن العيص ورؤساء فخايض هم، نحث وزارح وشمّة ومزّة. وهم أحفاد بسمة. وأولاد هولامة زوجة العيص ورؤساء فخايض هم، يعوش ويعلام وقورح فذيلا كلهم أولاد العيص وأحفاده، وهم رؤساء قبائلهم. وقبل ما ينتقل العيص إلى سعير، كان أصل سكان جبال سعير، هم نسل رجل إسمه سعير الحوري. وهم سبع فخايض، لوطان وشوبال وصبعون وعنّى، وديشون وإيصر وديشان. ذيلا هم رؤساء قبائل الحوريين من بني سعير. فأولاد لوطان أثنين وهم، حوري وهمام. وتمناع جارية أليفاز بن العيص هي أخت لوطان. وأولاد شوبال هم، علوان ومناحة وعيبال وشفو وأونام. وأولاد صبعون أثنين وهم، عنّى وآية. هذا هو عنّى إلّي حصّل عيون المياة الحارة في الصحراء، لمّا كان يرعى حمير أبوه صبعون. وولد لعنّى ديشون وهولامه. وهذة هولامه هيّ زوجة العيص. وأولاد ديشون بن سعير أربعة وهم، حمدان وأشبان ويثران وكران. وأولاد إيصر ثلاثة وهم، بلهان وزعوان وعقان. وأولاد ديشان أثنين وهم، عوص وأران. فذيلا هم رؤساء قبائل الحوريين حسب أقسامهم في أرض سعير.
ملوك أرض سعير الأدوميين من نسل العيص
وفي البداية كان نسل العيص قبائل بس، لكن بعدين حكمو وصارو ملوك. وذيلا هم الملوك إلّي حكمو في أرض أدوم من نسل العيص، قبل ما يصير قوم بني يعقوب ملوك. وهم، الملك بالع بن بعور من مدينة دنهابة حكم أرض أدوم. وبعدما مات الملك بالع، حكم الأرض الملك يوباب بن زارح من مدينة بُصرة. وبعدما مات الملك يوباب، حكم الأرض الملك حوشام من أرض التيمانيين. وبعدما مات الملك حوشام، حكم الأرض الملك هدد بن بدد من مدينة عويت. وكان الملك هدد هو إلّي هزم المديانيين في أرض موآب. وبعدما مات الملك هدد، حكم الأرض الملك سملة من مدينة مسريقة. وبعدما مات الملك سملة، حكم الأرض الملك شاول من مدينة رحوبوت إلّي على النهر. وبعدما مات الملك شاول، حكم الأرض الملك بعل حانان بن عكبور. وبعدما مات الملك بعل حانان، حكم الأرض الملك هدر وإسم مدينته فاعو. وزوجته هي مهطبيل بنت مطرد بنت ماء ذهب. وهذيلا شيوخ ورؤساء القبائل من نسل العيص حسب عشائرهم ومناطقهم وهم، شيخ تمناع وشيخ علوة وشيخ يتيت وشيخ هولامة وشيخ إيلة وشيخ فينون، وشيخ قناز وشيخ تيمان وشيخ مبصار وشيخ مجديل وشيخ عيرام. فذيلا هم شيوخ ورؤساء أرض أدوم حسب الأماكن إلّي سكنو فيها وأمتلكوها. فذا هو العيص أبو الأدوميين وشيخ مشايخهم.
37
رؤيا النبي يوسف
وهذه هي قصّة أولاد النبي يعقوب عليه ال سلام. وسكن النبي يعقوب في أرض كنعان من قبل في المكان إلي عاش فيه أبوه النبي إسحاق وجدّه النبي إبراهيم.
قصّة النبي يعقوب عليه السلام
وكان النبي يعقوب يحب ولده يوسف أكثر من باقي أخوانه. وكل ماكان يكبر النبي يعقوب في سنه، كان يُوثق في ولده يوسف أكثر وأكثر. فعمل النبي يعقوب ثوب ملوّن لولده يوسف، ليميّزه ويفضّله عن أخوانه الباقين. ولما كان النبي يوسف عمره سبعة عشرة سنة، كان يرعى الغنم مع أخوانه، أولاد بلهة وأولاد زلفة زوجات أبوه. وكان يحكي لأبوه عن أعمالهم العيفة. فكرهو الأخوان أخوهم يوسف كثير، فما قدرو يقولون له كلمة زينه. وفي يوم من الأيام، شاف النبي يوسف في نومه رؤيا، فحكاها لأخوانه. فقال لهم: "سمعو يا أخواني ذي الرؤيا إلي شفتها في نومي: شفت كأن كل واحد فينا يربط حزم البر في المزرعة، وفجأة قامت حزمتي ووقفت، فالتفّت تحتها حزمكم وانحنت لحزمتي." فقالو له أخوانه: "هل تعتقد يايوسف أنك بتكون ملك علينا وتحكم نحنا؟" فكرهوه أكثر وأكثر. بعدين شاف النبي يوسف رؤيا مرّة ثانيه في نومه، فحكاها لأخوانه وقال لهم: "إسمعو يا أخواني، شفت رؤيا ثانيه: شفت الشمس والقمر وأحد عشر كوكب ساجدين لي." فلما حكاها لأبوه كما حكاها لأخوانه، نهره أبوه وقال له: "أه من رؤيا ذي إلي شفتها في نومك يايوسف؟ هل بانجي أنا وأُمّك وأخوانك حقيقي وبانسجدلك؟" فحتفظ النبي يعقوب بذي الأمور في قلبه. وأما أخوان النبي يوسف فحسدوه.
الأخوان يبيعون أخوهم يوسف
وراحو أخوانه علشان يرعون غنم أبوهم بالقرب من قرية شكيم. وبعدما راحو بكمّه أيام، قال النبي يعقوب لولده يوسف: "ياولدي يوسف، أخوانك يرعون الغنم بالقرب من قرية شكيم. تعال برسلك لمان عندهم، علشان تشوف كيف حال أخوانك والغنم، ورجع وخبّرنا." فقال النبي يوسف: "طيّب يا أبوي." فراح النبي يوسف من قريته حبرون، وهي نابلس الأن، في أتجاه قرية شكيم. لكن لما وصل النبي يوسف بالقرب من شكيم ما حصّلهم، فسأله رجل في المزارع، وقال له "ياولد، على هواه أدوّر؟" فقال له النبي يوسف: "أندوّر على أخواني أولد يعقوب إلي يرعون غنمهم هُنا. هل شوفتهم أنته؟" فقال له الرجل: "نعم، قبل فترة بسيطه رحلو من هُنا، وسمعتهم يقولون: قومو بانروح إلى منطقة دوثان." فتبع النبي يوسف أخوانه إلى منطقة دوثان، فحصّلهم هُناك. فشاف أخوانه من بعيد، وقبل مايوصل عندهم، تآمرو عليه علشان يقتلونه. فقالو بعضهم لبعض: "شوفو شوفو صاحب الأحلام جاي الى عندنا. قومو بانقتله وبانزقل به في وحدة من الآبار، وبانقول لأبونا ذئب مُفترس كلاه. بعدين بانشوف إذا كانت أحلامه بتتحقّق ولاّ لا." فلما سمع أخوهم الكبير راوبين ذا الكلام، كان يبغى ينقذ يوسف منّهم فقال لهم: إسمعو يا أخواني مابنقتله مابنسفك دمه. ولكن بانزقل به في ذي البئر ولا تؤذونه." وكان راوبين يقصد بكلامه ذا، إنه باينقذه منّهم وبايرجعّه لأبوه. ولما وصل النبي يوسف عند أخوانه، خلسو منّه الثوب الملوّن إلي كان يلبسه، وشلّوه وزقلوبه في وسط بئر عورا. بعدين، جلسو ليرتاحو ويأكلو أكلهم، فشافو قافلة من العرب الإسماعيلين جايين من جلعاد، وهي الأردن الأن، وكانت جمالهم مُحمّلة بالتوابل ودواء الجلد والمر، وهم رايحين إلى أرض مصر. فقال يودا لأخوانه: "أه بانستفيد إذا قتلنا أخونا يوسف وخفينا موته؟ قومو بانبيعه للعرب الإسماعيلين ومابنأذيه، لأنه أخونا من لحمنا ودمّنا." فوافقو أخوانه. فلما وصلو التجار العرب، طلّعو أخوهم يوسف من البئر، وكان راوبين ماحد هو عندهم. وباعوه بعشرين قطعه من الفضّة، فشلّوه التجار العرب معهم إلى أرض مصر. وبعد فترة بسيطه رجع أخوهم الكبير راوبين لمان عند البئر، ولكنه ماحصّل يوسف في البئر، فمزّق ثيابه وشعّقها. فراح لمان عند أخوانه وقال لهم: "فين الولد، كنّه ماحد هو في البئر، فين نروح أنا ذلحين؟" فذبحو كبش وغمسو قميص النبي يوسف في الدم. وشلّو القميص لمان عند أبوهم وقالو: "حصّلنا ذا القميص، تحقّق منّه يا أبونا، هل هو قميص ولدك يوسف ولاّ لا؟" فعرفه النبي يعقوب وقال لهم: "نعم قميص ولدي يوسف. حيوان مُفترس كلاه. مزّق يوسف تمزيق." فشعّق النبي يعقوب ثيابه ولبس الثياب الخشنة، وصاح على ولده يوسف وحزن عليه أيام وايده. وجاو كل أولاده وبناته علشان يعزّونه، ولكنه رفض أنه يتعزّى وقال لهم: "أنا باحزن على ولدي لمان نموت." وبكى عليه النبي يعقوب لمان أبيضّت عيونه من الحزن. وباعو العرب الإسماعيلين النبي يوسف في أرض مصر لرجل إسمه فوطيفار، وهو قائد حرس فرعون الملكي.
38
يودا بن يعقوب وتامار
في ذا الوقت افترق يودا إبن يعقوب من عند أخوانه، وسكن عند رجل عدلامي أسمه حيرة. وقرية عدلام تبعد خمس تعشر كيلو من وادي حبرون. فشاف هُناك بنت واحد كنعاني أسمه شوع فتزوجها، فحبلت وولدت له ولد فسمّاهُ عير. بعدين حبلت مرّة ثانيه وولدت ولد فسمّته أونان. بعدين ولدت ولد ثالث فسمّته شيلة في قرية كزيب. وتبعد خمسة كيلو من قرية عدلام. ولما بلغ عير بن يودا البكر، عُمر الزوج، إختار له أبوه يودا زوجة اسمها تامارا. ولكن كان عير رجل خاطي وشرير في نظر الله القدير، فشل الله حياته منّه ومات. فقال يودا لولده الثاني: "يا أونان، شل زوجة أخوك الكبير وتزوجها حسب عاداتنا، فإسم أخوك الكبير ما بينتهى، وعمل نسل له." فعرف أونان أن النسل مابيكون له، فكان كلما دخل على زوجة أخوه، يُفرغ منيه على الأرض، علشان ما تحبل تامارا. وكان ذا العمل خاطي في نظر الله القدير، فشل الله حياته ومات. فقال يودا لتامارا زوجة ولده: "يا تامارا، جلسي في دار أبوكِ أرملة لمان يكبر ولدي شيلة." وكان يودا فزعان على ولده شيلة إنه يموت كما أخوانه. فراحت تامارا وجلست في دار أبوها. ومرّت فترة، وماتت زوجة يودا. ولما انتهت أيام الجنازة، راح يودا مع صاحبه حيرة العدلامي إلى قرية تمنة، ليُشرِف على قص الصوف من غنمه، فقالو الناس لتامارا: "أبو زوجكِ رايح إلى قرية تمنة ليقص الصوف من غنمه." وعرفت تامارا أن شيلة كبر ولكن ما زوّجها يودا له. فخلّست ثياب الأرملة، وغطّت وجهها ببرقع لتُخفي وجهها، بعدين جلست على مدخل قرية تمنة. وفي الطريق إلى قرية تمنة، شافها يودا جالسة على مدخل القرية، فعتقد أنها زانية. فجاء لمان عندها علشان يفعل بها، وماعرف أنها زوجة ولده، فقال لها: "تعالي معي يا حرمه." فقالت له: "وآه باتعطيني؟" فقال لها: "ماعندي غنم ذلحين، ولكن بارسل لكِ تيس من غنمي." فقالت له: "طيّب، هل باتعطيني رهن لحد ماترسله؟" فقال لها: "أه نعطيكِ؟" فقالت له: "عطني خاتمك وردائك وعصاك إلي في يدّك." فأعطاها كل ماطلبت، ففعل بها فحبلت منّه. ولما قامت من عنده رجعت لمان دارها، فخلست برقعها ولبست ثياب الأرملة مرّة ثانيه. وأرسل يودا بن يعقوب التيس مع صاحبه حيرة العدلامي، علشان يرد الرهن من الحرمه، لكنه ماحصّلها. فسأل حيرة أهل القرية وقال لهم: "ياناس، فين الزانيه إلي تجلس على الطريق في مدخل القرية؟" فقالو له: "من قال لك ان زانيه تجلس هُنا؟ ما عندنا زانيات في ذا المكان." فرجع إلى يودا وقال له: "يايودا، ماحصّلت الحرمة هناك. وفوق ذا، أهل ذاك المكان قالو: أبداً ماتجلس زانيه هُنا!" فقال يودا: "لتروح هي والرهن! نحنا مانحنا ضحك عندها! أنا أرسلت لها التيس وأنت ماحصّلتها، خلاص." وبعد ثلاثة أشهر تقريباً، قالو الناس ليودا: "تامارا زوجة ولدك زنت، وحبلت من الزنا." فقال يودا: "هاتوها وحرقوها." فلما جاو عندها، أرسلت ليودا أبو زوجها تقول له: "أني حُبلى من صاحب هذه الأشياء. شف، إذا كنت تعرف من صاحب ذا الخاتم والرداء والعصا!" فلما شافهن، اعترف يودا وقال: "هي صالحة أكثر منّي، لأننا ماحفظت وعدي معها، ومازوّجتها لولدي شيلة بحسب ماوعدت." وبعد ذا مافعل بها مرّة ثانيه أبداً. ولما جاء وقت ولادتها، كان في بطنها توأمين. وعند ولادتها خرّج واحد منهم يده، فربطت المولدة خيط أحمر على يدّه وقالت: "هذا خرج أولاً." ولكنه سحب يدّه، فخرج أخوه، فقالت: "أنته خرجت بالقوّة!" وسمّوه فارص، ومعناه خرج بقوّة. بعدين خرج أخوه والخيط الأحمر مربوط على يدّه، فسمّوه زارح.
39
النبي يوسف وزوجة فوطيفار
وبعدما اشترى فوطيفار النبي يوسف، شغّله في داره. وكان الله القدير مع النبي يوسف ويوفّقه في كل شي، فشاف سيده وعرف أن الله دائماً مع يوسف، وأنه أعطاه التوفيق في كل مايعمله. فـرضي فوطيفار على النبي يوسف، فعمله وكيله الخاص. وأيضاً أعطاه عمل شؤون داره، واستامن عليه في كل مايملك. ومن ذا الوقت بارك الله القدير دار المصري بسبب النبي يوسف. فحلّت بركة الله على كل مايملك فوطيفار، سواء كان في داره أو في مواشيه أو في مزارعه. فترك فوطيفار كل ماعنده تحت تصرف النبي يوسف، فما أهتم بشي أبداً إلاّ الأكل. وكان يوسف شكله جميل جداً ووسيم الوجه. وبعد فترة من الوقت طرحت زوجة فوطيفار عينها على النبي يوسف، وطلبت منه أنه يفعل بها. فرفض النبي يوسف وقال لها: "سيدي ما أهتم بشي في الدار، ولكنه وثق فيّ على كل مايملك. وماحد في هذا الدار أعظم مني. وسيدي مامنع عليّ أيّ شي غيرك، لأنكِ زوجته. فكيف نعمل هذا الشر العظيم ونخطي قدام الله القدير وسيدي؟" وكانت تحاول مع النبي يوسف كل يوم ليفعل بها، لكنه يرفضها ويحوال كثير أنه يبعد منها. وفي يوم من الأيام، لما دخل النبي يوسف الدار ليعمل، كان ماحد موجود. فمسكت حرمة فوطيفار ثوب النبي يوسف من وراء وقالت له: "أني لك يايوسف وأنته لي." فخلّى ثوبه في يدها، وشرد خارج الدار. فلما شافت انه شرد عليها، صاحت بكل صوتها على خدمها وقالت: "شوفو شوفو! هذا الغريب الكنعاني إلي جابه زوجي لنا أعتدى على شرفي! ودخل غرفتي وحاول أنه يغتصبني، فصحت بكل صوتي. فلما سمعني نصيح، خلّى ثوبه وشرد إلى خارج الدار." واحتفظت بثوبه لمان جاء زوجها فوطيفار. فحكت له نفس الحكاية وقالت له: "العبد الكنعاني إلي جبته لنا، دخل إلى غرفتي اليوم وعتدى على شرفي! فلما صحت، خلّى ثوبه هُنا وشرد إلى خارج الدار." فلما سمع فوطيفار حكاية زوجته وكلامها، وكيف عاملها يوسف، غضب جداً. وقبض عليه، وطرحه في السجن، وهذا السجن كانو سُجناء الملك محبوسين فيه. وكان فوطيفار المُشرف العام على هذا السجن. ولكن الله القدير كان معه ويباركه، وعمل معه معروف بحسب عهده لأبوه وأجداده، فخلّى قائد السجن يرضى عليه. فعمل قائد السجن النبي يوسف مسئول على المساجين وعلى كل مايحصل هُناك. فكان قائد السجن ماهو مُهتم بأيّ شي، لأن كل السجن تحت تصرف النبي يوسف. فكان الله القدير مع النبي يوسف، ويعطيه التوفيق في كل مايعمله.
40
الساقي والخباز في السجن
ومرّ بعض الوقت، بعدين أخطا ساقي الملك فرعون والخباز في حق سيدهم الملك. فغضب الملك فرعون على هذين الرجُلين، فأمر الملك فرعون فوطيفار أن يسجنهم. فطرحهم فوطيفار في نفس السجن الذي كان النبي يوسف محبوس فيه. فعمل قائد السجن النبي يوسف مسئول عليهم أيضاً. فجلسو في السجن فترة من الوقت. ويوم من الأيام حلم ساقي الملك والخباز، حلم في ليلة واحدة. وكان لكل من هذه الحلمين معناه الخاص. ولما جاء عندهم النبي يوسف في الصباح، حصّلهم حزينيين. فقال لهم: "ليه وجوهكم حزينه اليوم؟" فقالو له: "كل واحد منّنا حلم حلم، ولكن مانقدر نروح عند المفسرين." فقال لهم النبي يوسف: "الله يقدر يفسر لكم الحلمين، فقولو لي بهن." فحكى الساقي حلمه للنبي يوسف، وقال له: "شفت في حلمي شجرة عنب قدامي، فيها ثلاثة أغصان. ولما طلع ورقها، ظهرت أزهارها، ونضجت عناقيدها. وكان الكأس حق الملك فرعون في يدي، فشلّيت العنب وعصرته فيها، وأعطيت الملك فرعون الكأس في يده." فقال له النبي يوسف: "هذا هو تفسيره. الأغصان الثلاثة هي ثلاثة أيام. بعد ثلاثة أيام، بايكرمك الملك فرعون ويرُدّك إلى شغلك، فتعطيه الكأس في يده، كما كنت تعمل هكذا من قبل. فعندما يحصّلك هذا الخير، أرجوك تذكّرنا وأعمل معي معروف، فتذكرنا عند الملك فرعون، وتخرجنا من هذا السجن. لأنهم شلّونا بالقوة من بلادي في أرض الكنعان وجابونا لمان هنا. وأنا ماعملت أيّ شي نستحق عليه أننا نسجن بسببه." فلما شاف الخباز أن النبي يوسف فسّر الحلم وفيه الخير، قال له : "وأنا أيضاً حلمت حلم، حلمت إنه كان على رأسي ثلاث قفف، كل قفّه فوق الثانية، وفيهن خبز. والقفة الفوقية كان فيها من كل أصناف الخبز إلي كان يحبه الملك فرعون، لكن الطيور كانت تأكله." فقال النبي يوسف: "هذا هو تفسيره: القفف الثلاث هي ثلاثة أيام. بعد ثلاثة أيام، بايقطع الملك فرعون رأسك، ويعلّقك على خشبة، فتأكل طيور الجوارح لحمك." وفعلاًً بعد ثلاثة أيام كان عيد ميلاد الملك فرعون، فعمل وليمة لكل وزرائه ورجاله، وأمر الجنود يجيبون الساقي والخباز من السجن قُدام كل الموجودين. فرد الساقي إلى عمله. وأعدم الخباز كما قال لهم النبي يوسف. أما الساقي فماتذكر النبي يوسف، ونسيه.
41
حلم الملك فرعون
وبعد سنتين كامله، شاف الملك فرعون حلم. شاف أنه واقف عند نهر النيل، فطلعن من النهر سبع بقرات سمان وزيان، وبدأن يرعين في الحشائش. وبعدين، طلعن من النهر سبع بقرات حطاط وعياف، فوقفن بجانب البقرات الأوليات على ضفة النهر. فجأة البقرات العياف كلين البقرات الزيان. فثار الملك فرعون من نومه. بعدين رجع نام، وشاف حلم ثاني. شاف هذه المرّة سبع سنابل ناضجات وزيان نبتن من عود واحد. وبعدهن نبتن سبع سنابل ثانيات ضامرات كأن الريح الصحراوية أحرقتهن. فبدين السنابل الضامرات يبتلعن السنابل الناضجات. وثار الملك فرعون من نومه، فعرف أنه حلم. وفي الصباح انزعج الملك فرعون، فأرسل ودعاء كل سحرة مصر وعلمائها، وحكى لهم حلمه، لكن ماحد قدر يُفسّره له. فقال الساقي للملك فرعون: "يامولاي، المفروض أننا نذكر هذاك الشاب الي كان معي في السجن قبل سنتين. لما كان غضب علينا ياملك، حبستنا أنا والخباز في السجن. وفي يوم من الايام، حلم كل واحد منّنا حلم في نفس الليلة، وكان لكل واحد من الحلمين معناه الخاص. وكان معنا هُناك شاب من أرض كنعان، عبد لقائد الحرس. فحكينا أحلامنا له، ففسرهن لنا. وفعلاً تحقّق كل ما قاله في تفسيره لنا. رجعت أنا إلى عملي، والخباز أُعدم. فأرسل الملك فرعون ودعى النبي يوسف، فخرّجوه بسرعة من السجن. وبعدما حلق وغيّر ثيابه، جابوه إلى عند الملك فرعون. فقال له الملك: "يايوسف، حلمت البارحة حلم، وماحد قدر يُفسّره. وسمعت إنك تُفسّر الأحلام." فقال النبي يوسف: "ماهو أنا إلي نُفسّر الأحلام ياملك، ولكن ألله وحده، هو الذي بيعطي الملك فرعون جواب يطمئنه ويهدّي نفسه." فقال الملك فرعون للنبي يوسف: "وهذا حلمي، كنت واقف على نهر النيل، فطلعن من النهر سبع بقرات سمان وزيان، وبدأن يرعين في الحشائش وبعد هذيلا طلعن من النهر سبع بقرات حطاط وعياف، ووقفن بجانب البقرات الأوليات على النهر. فجأة البقرات العياف كلين البقرات الزيان. عمري ماشفت في كل أرض مصر كماهن في القباحه والعيافه. ومع أنهن أكلنهن، لكن ماتغيّر منظرهن وشكلهن، ولكن بقين قبيحات كما كُانن. بعدين ثرت من نومي. بعد هذا شفت في حلم ثاني. سبع سنابل ناضجات وزيان، نبتن من عود واحد. وبعدهن نبتن سبع سنابل ثانيات ضامرات كأن الرياح الصحراوية أحرقتهن. فبعدين السنابل الضامرات يبتلعن السنابل الناضجات. فحكيت هذيلا الحلمين للسحرة والعُلماء، ولكن ماحصّلت من يُفسّرهن لي. فقال النبي يوسف: "ياملك، هذيلا الحلمين في الحقيقة معناهن وحد. فالله القدير كشف للملك فرعون إلي بيعمله. فالبقرات السبع الزيان والسنابل السبع الناضجات معناهن سبع سنين خير. والبقرات السبع القبيحات والسنابل السبع الضامرات معناهن سبع سنين مجاعه قويه جداً. فكما قلت لك ياملك، أظهر الله القدير للملك فرعون إلي بيعمله. باتجي على أرض مصر كلها سبع سنين شبع ورخاء عظيم، وبعدين باتجي سبع سنين مجاعة عظيمه جداً، فينسون الناس كل الرخاء والشبع الذي عاشوه في مصر، وتهلِك المجاعة كل شي في الأرض. فماحد يقدر يتذكّر الرخاء والشبع، لأن المجاعة إلي بتجي بعده شديدة جداً. وسبب ان الله عطاك نفس الرسالة بحلمين مختلفين، فذا لأن الأمر تقرّر من عند الله القدير، والله بايعمل هكذا قريب. ياجلالة الملك فرعون، أفضلك من الأن تدوّر لك على رجل بصير وذكي وحكيم، يكون مسئول عن تدبير شؤون المجاعة إلي بتجي. ويعيّن الملك فرعون وكلاء تحته، ليأخذو عشرين بالمية من محصول الأرض في سنوات الرخاء السبع. ويجمعون كل محصول حبوب سنوات الخير المُقبلة، ويخزنوه تحت سلطة الملك فرعون. فيكون في كل المدن أكل محفوظ. هذا الأكل بايكون مُساعده للبلاد في سنوات المجاعة إلي باتجي على أرض مصر، علشان مايموتون قومك من الجوع." فشاف الملك فرعون وكل وزرائه ورجاله أن الفكرة طيّبة. فقال لهم الملك فرعون: "هل بانحصّل كما هذا الرجل فيه روح الله؟" وقال للنبي يوسف: "لأن الله عرّفك كل هذه الأمور، فماحد بصير وذكي وحكيم كماك يايوسف. أنت من الأن باتكون الحاكم على مملكتي وتكون المسؤل الكبير على أمور المجاعة. وكل شعبي بايُطيعون أوامرك، وماحد يكون أعظم منك غيري أنا." بعدين قام الملك فرعون ونزع الخاتم من اصبعه، وطرحه في صبع النبي يوسف. ذا الخاتم محفور فيه الختم الملكي، ولبّسه ثياب ملكيه ضخمة، وطرح السلسلة الملكيه من ذهب على رقبته، وأعطاهُ المركبة الملكية الثانية. وأمر الناس ان يركعون قدُام النبي يوسف كل ماشافوه. وهكذا عمله والي وحاكم على كل أراضي مصر. وقال فرعون للنبي يوسف: "أنا الملك فرعون، ماحد يقدر يعمل شي في مصر من غير موافقتك أنت." وأعطى الملك فرعون اسم للنبي يوسف وهو صفنات فعنيح، ومعناه بالمصرية القديمة "مُنقذ الحياة". وزوّجة إمرأة أسمها أسنات بنت فوطي فارع، الرجل المُتشفّع لمعبد أُون. هكذا امتدت سلطة النبي يوسف في كل أراضي مصر. وكان النبي يوسف عمره ثلاثين سنة لما دخل في خدمة الملك فرعون ملك مصر. وخرج النبي يوسف من قصر الملك، وكان يتنقّل كثير في جميع أنحاء أراضي مصر. فحصدت الأرض محاصيل كثيرة في سنوات الرخاء السبع. فجمع النبي يوسف عشرين بلمية من المحاصيل إلي أنتجته اراضي مصر في هذه السنين السبع، وخزّنه في مخازن كبيرة في المدن. فطرح في كل مدينة محاصيل المزارع إلي حولها. فخزّن النبي يوسف كُميّات ضخمة جداً من محاصيل الحبوب، كما رمل البحر، حتى إنه وقف من حسابها، لأنها كانت أكثر بكثير من الحساب. وقبل دخول سنوات المجاعة، ولدت زوجة النبي يوسف ولدين. فسمّى بكره منسى، ومعناه "الله يساعدنا على نسيان كل تعبي ومشاكلي بعدما خرجت من بيت أبوي بلقوة." وسمّى الثاني أفرايم، ومعناه: مُثمر كثير وقال: "بفضل الله أثمرت في الأرض إلي تألمت فيها وشقيت." وانتهت سنوات الرخاء السبع في أراضي مصر، وبدأت سنوات المجاعة، كما قال النبي يوسف. فكانت المجاعة في مصر وكل البلاد المجاورة. أما أرض مصر ففيها أكل كثير، لأنها كانت جاهزة للمجاعة. لكن لما بدأت مصر تحس بالمجاعة أيضاً، صاحو المصريين على الملك فرعون طالبين أكل، فقال لهم: "إسمعو ياناس، روحو إلى حاكم يوسف، واعملو كما يقول لكم." ففتح النبي يوسف المخازن وباع محاصيل الحبوب للمصريين. وجاو ناس حتى من البلدان الأخرى إلى مصر، ليشترو محاصيل الحبوب من النبي يوسف، لأن المجاعة كانت شديدة في كل مكان.
42
اخوان النبي يوسف في مصر
أرض كنعان أيضاً انتشرت فيها المجاعة الكبيرة. ولما عرف النبي يعقوب أن مصر فيها محاصيل الحبوب، قال لأولاده: "ليه أنتو ماتتحركون كما الناس الباقيين؟ أنا سمعت أن في أرض مصر محاصيل الحبوب. قومو إرحلو الى هُناك واشترو لنا بر، علشان مانهلك من الجوع." فرحلو عشرة من أخوان النبي يوسف، ليشترو بر من مصر. أما بنيامين شقيق النبي يوسف، فما رسّله النبي يعقوب مع أخوانه، لأنه خايف عليه. فرحلو أولاد النبي يعقوب إلى مصر مع الرايحيين ليشترو بر. وكان النبي يوسف هو حاكم بلاد مصر، المشرف والمسؤل الأول على بيع البر. فلما وصلو الأخوان الى عند النبي يوسف، ماعرفوه، وانحنو له. ولكن لما شافهم النبي يوسف، عرفهم على طول. لكنه تظاهر بأنه ماعرفهم، وكلّمهم بشدّة وقال لهم: "يارجال، من فين أنتو جيتو؟" فقالوله: "جينا من أرض كنعان، لنشتري بر من عندكم." فتذكّر النبي يوسف الرؤيا إلي شافهم فيها. فقال لهم: "أنتو جواسيس! أنتو جئتو لتعرفو الأماكن الضعيفه في بلادنا." فقالوله: "لا ياسيدنا، نحنا عبيدك جينا لنشتري بر. نحن كُلّنا أخوان. نحنا رجال شريفين ومانحنا جواسيس." فقال لهم: "لا لا! أنتو جواسيس وجئتو لتعرفو الأماكن الضعيفه في بلادنا." فقالوله: "نحنا ياسيدي أثني عشر أخوان، أولاد رجل واحد ساكن في أرض كنعان. وأصغر واحد فينا مع أبونا، وواحد مات." فقال لهم النبي يوسف: "كما قلت لكم، أنتو جواسس. لو كان كلامكم ماهو صحيح، أكيد أنتو جواسيس. بذي طريق أنا بعرف لو كان كلامكم حقيقي ولاّ لا. إسمعو، أنا بقول لكم بإسم الملك فرعون مابتخرجو من هنا إلى إذا جبتو لي أخوكم الصغير. أرسلو واحد منكم ليجيبه، والباقيين يبقون هُنا في السجن. ولو كان ماجبتو لي أخوكم الصغير، بعرف أنكم كذّابين وجواسيس." وطرحهم كلهم في الحبس لمُدة ثلاثة أيام. وفي اليوم الثالث قال لهم النبي يوسف: "أنا رجل نتّقي ألله، فاعملو كما قلت لكم فتنجو بحياتكم. إذا كنتم فعلاً شُرفاء، خلّو واحد منكم يبقى هُنا في السجن، والباقين يرجعون إلى بلادكم، ومعهم البر علشان أهلكم الجوعانيين. ولكن لازم تجيبون لي أخوكم الصغير، لنتحقّق من كلامكم. ولو كان ماجبتوه لي، بحكم عليكم بالقتل." فوافقو الأخوان على كلام النبي يوسف. وقالو بعضهم لبعض في لغتهم: "أكيد هذا عقاب لنا بسبب ماعملناه في أخونا يوسف. نحنا شفناه كم كان خايف وهو يتوسل لنا علشان حياته، لكن ماسمعنا له. لهذا نحن في ضيق." فقال أخوهم الكبير راوبين: "أنا قلت لكم لا تغلطو في الولد، لكنكم ماسمعتونا. نحنا مسئولين على قتله، وذلحين ندفع الثمن." وكانو الأخوان يتكلمون بلغتهم ومايعرفون أن النبي يوسف فهم كلامهم، لأنه كان يُكلّمهم بمُترجم بالغه المصرية. ولما سمع أخوانه يعترفون بما عملوه فيه من شر، خرج من عندهم وبدأ يبكي. بعد قليل، قدر يتكلم. فرجع وشل من عندهم شمعون وربطه قُدام عيونهم وزقل به في السجن." بعدما نزلو الأخوان، أمر النبي يوسف خدمه أنهم يملون جواني أخوانه بالبر ويطرحون فلوسهم في جوانيهم بدون ماحد يعرف. وقال لهم، "عطوهم أكل أيضاً إلي يحتاجونه للطريق." فعملوالخدم كما قال لهم. بعدين حملّو الأخوان الجواني على حميرهم ورحلو. ولما وقفو للمبيات، فتح واحد منهم الجونية حقه ، فشاف فلوسه. فقال لأخوانه: "أه ذا، ذيلا ردّو لي فلوسي!" فخافو كثير، وتشوّفو بعضهم لبعض وقالو: "هل الله يعاقب نحنا؟" ولما رجعو إلى أبوهم، حكو له بكل ماحصل معهم في مصر. وقالو له: "يا أبونا، الرجل سيد هذيك البلاد كلّم نحنا بشدة ، واتهم نحنا بأن نحنا جواسيس في بلاده. فقلنا له: نحنا ناس شرفا ومانحنا جواسيس. نحنا اثني عشر أخو أولاد أبونا، وواحد مات، والصغير فينا مع أبونا في أرض كنعان. فقال لنا حاكم البلاد: طيّب، هكذا بعرف إذا كنتم شُرفا. اتركو واحد منكم عندي هُنا، والباقين إرجعون إلى بلادكم مع الأكل إلي أعطيكم إيّاها. لكن أنتو لازم تجيبون لي أخوكم الصغير، هكذا بعرف أنكم شُرفا وما أنتم جواسيس. إذا عملتو كما قلت لكم، بفك خوكم من السجن. وبعدين تقدرون تجلسون وتاجرون بحُرية في مصر." ولما بدؤ يفرغون جوانيهم ، حصّل كل واحد فهم الفلوس حقّه. فلما شافو هم وأبوهم الفلوس، خافو كثير كثير. فقال لهم أبوهم: "أه ذا؟ بغيتونا نفقد كل أولدي؟ يوسف مات، وشمعون محبوس، وذلحين بغيتو تشلّون بنيامين؟ كل المصائب نزلت عليّ!" فقال له راوبين: "يا أبوي، أنا بعتني ببنيامين وبارجّعه لك. وإذا ما رجعته لك، اقتل أولادي الأثنين." قالو كذا علشان يرجّعون أخوهم شمعون إلي محبوس في المصر. فقال النبي يعقوب: "أبداً مابيرحل ولدي بنيامين معكم إلى مصر. أخوه مات، وهو الوحيد الذي بقي من زوجتي رحيل. إذا أصابه أي شي في الطريق، باموت بحسرة وأنا شيبه."
43
الرحلة الثانية إلى مصر
و شتدّت المجاعة. فلما أكلو كل البر إلي جابوه من مصر، قال لهم أبوهم: "يا أولادي، إرجعو إلى مصر واشترو لنا بر." فقال يودا: "يا أبوي، كما قلنا لك، سيد أرض مصر حذر نحنا بقوة إن نحنا مانقدر نشفو وجهه إلا إذا جبنا أخونا بنيامين معنا. فإذا كنت باترسل بنيامين معنا، بانرحل ونشتري لك بر. لكن إذا كنت مابترسله معنا، ما شي داعي نروح إلى مصر. " فقال النبي يعقوب: "ليه جبتولي هذه المشكلة وقلتو للرجل إن عندكم أخو ثاني؟" فقالو له: "يا أبونا، الرجل هو بنفسه سأل نحنا بالدقة عن أنفسنا وعن عوائلنا وقال: "هل أبوكم حي؟ هل عندكم أخو ثاني؟" ونحنا جاوبناه ببساطة على أسئلته. ماحد مننا يتوقّع أنه بايقول: جيبو أخوكم الصغير إلى هُنا؟" بعدين قال يودا: "يا أبوي، أرسل الولد معي، فنرحل ذلحين. فكلنا مابنموت من الجوع. أنا نضمنه وباكون مسئول عليه شخصياً. وإذا مارجّعته لك، لومنا طول عمري. لوكنّا ماتأخرنا في الرحيل لكنّا رحنا مرتين ورجعنا." فقال لهم أبوهم: "يا أولادي، إذا كان لازم انكم ترحلو به فعملو هكذا: خذو معكم هدية للحاكم، طرحو في جوانيكم من أحسن ماتنتجه أرضنا، كما البلسم والعسل، والتوابل والمر والفستق واللوز. وشلّو معكم فلوس ضعف الفلوس الأولى، فتردّون لهم الفلوس إلي رجعت في أجوانكم. لعله كان خطأ منهم. وشلّوأخوكم بنيامين معكم، وارحلو إلى مصر بسرعة. ليت الله القدير يخلّي هذاك الرجل رحيم بكم، فيفك أخوكم شمعون إلي في السجن ويخلي بنيامين يرجع معكم. وأنا إذا كان لازم علىّ أننا نفقد أولادي، خلاص بفقدهم." فشلّو اولاده الهدايا وضعف فلوس ورحلو بسرعة إلى مصر مع بنيامين. ولما وصلو، راحو إلى مكان عمل النبي يوسف. فلما شاف النبي يوسف بنيامين معهم، قال لوكيل داره بالغه المصرية: "يا وكيل، خذ ذيلا الرجال إلى داري، واذبح لهم طلي، وجهّز أكل، لأنهم بيأكلون معي في الغداء." فعمل الوكيل كما قال له النبي يوسف. ولكن لما وصلو إلى دار النبي يوسف، خافو الأخوان جداً، فقالو بغضهم لبعض: "إسمعو، أكيد جابو نحنا إلى هُنا، بسبب الفلوس إلي رجعت في أجوانينا. أكيد بايتهم نحنا وبايهجم علينا وبايشل نحنا عبيد له، وبايستولى على حميرنا." فراحو إلى وكيل النبي يوسف وكلّموه عند مدخل الدار، وقالوله: "من فضلك ياسيدي، عندنا حجة لازم نشرح لك. قبل فترة جينا إلى هُنا واشترنا أكل. ولكن في رجوعنا إلى بلادنا، حصّل كل واحد منّنا فلوسه كامله في جونيته، فجبناها معنا هُنا. وأيضاً جبنا معنا فلوس لنشتري بر ثاني. وحقيقي مانعرف من طرح فلوسنا في جوانينا." فقال لهم الوكيل: "اطمئنو. لا تخافون. أكيد إلهكم وإله أبوكم طرح الفلوس في أجوانكم. البر إلي اشتريتوه في المرة الأولى ثمنه مدفوع كامل." بعدين خرّج لهم شمعون من السجن. فدخّل الوكيل الرجال إلى دار النبي يوسف، وقدّم لهم ماء ليغسلون رجيلهم، وأعطى حميرهم أكل. فجهّزو هداياهم لمجي النبي يوسف عند الظهر، لأنهم سمعو أنهم بايأكلون معه. فلما جاء النبي يوسف إلى الدار، انحنو له إلى الأرض و قدّمو له الهدايا إلي جابوها، فسألهم عن أحوالهم، بعدين قال لهم: "أبوكم الشيبه الذي قلتم لي عنه، كيف حاله؟ هل يعيش؟" فقالوله: "أبونا يعيش، وهو بخير." وانحنو له ثاني مرة احتراماً له. ولتفت فشاف شقيقه بنيامين فقال: "هل هذا هو أخوكم الصغير الذي قلتو لي عنه؟ الله يبارك فك يا ولدي." فما قدر قلبه يتحمّل أكثر لما تكلّم مع شقيقه بنيامين، فقام بسرعه وخرج يبكي، فراح إلى غرفته الخاصة وبكى هُناك. بعدين غسل وجهه، وخرج ومسك نفسه من البكاء وقال: "ياخدم، هاتو الأكل." فقدّمو الأكل، النبي يوسف لوحده، ولأخوان وحدهم، وللمصريين المعزومين وحدهم، لأن المصريين يعتبرون أنه حرام عليهم إذا أكلو مع الكنعانيين. وجلّس أخوانة قدامه حسب أعمارهم، من الكبير إلى الصغير. فتشوّفو بعضهم إلى بعض مُستغربين، ويقولون، "كيف عرف أعمارنا." وقدّمو لهم أكل من سفرة النبي يوسف، فكان نصيب بنيامين خمسة أضعاف أكثر من أكل البقيين. فأكلو وشربو مع النبي يوسف.
44
قلاس الفضّة في جونية بنيامن
وامر النبي يوسف رئيس الخدم بدون ما يعرفون اخوانه وقال له: "اسمع يا خادم، مل جواني الرجال بر بقدر ما يقدرون يشلون معهم، وطرح فلوس الفضّة حقّهم في جواني اكل حيوان. وأيضاً طرح قلاسي الفضّة في جونية خوهم الصغير." فعمل رئيس الخدم كما قال له النبي يوسف. وثاني يوم بدري، قاموا الاخوان ودبروا. لكن قبل ما يبتعدون أكثر من المدينة، قال النبي يوسف لرئيس الخدم: "يا خدم، رح بسرعة وراء الرجال. ولما تلحقهم، قل لهم: هكذا تجازون الخير بالشر؟ ليه تسرقون قلاس الفضّة حق الحاكم؟ ذا القلاس ما هو عادي، عزيز عليه، لانه يعرف به أه بيحصل في مستقبل. انتو عملتو سفعه كبيرة." فلحقهم رئيس الخدم في الطريق فقال لهم كما أمر النبي يوسف. فقالو الأخوان: "مستحيل ياسيدي نحنا نسرق ونعمل هكذا! ما دام رجّعنا لكم الفضّة إلي حصلناها في جوانينا، كيف بانسرق فضّة أو ذهب من دار الحاكم؟ إذا حصّلت القلاس مع ايّ واحد مننا، إقتله. ونحنا الباقين نكون خدم لك." فقال رئيس الخدم: "طيب، إلي نحصّل معه القلاس بايكون خادم. والباقيين ممكن يروحون." فنزّل كل واحد منهم جونيته بسرعة على الأرض وفتحها. فبدأ رئيس الخدم يفتش جواني الاخوان من الكبير الى الصغير. ولما فتح جونيه بنيامين، حصّل القلاس! ولما شافوا الأخوان القلاس، ماتوا من الخوف وشعقو ثيابهم. وشل كل واحد منهم جونيته ورجعوا الى المدينة. ودخل يودا واخونه الى دار النبي يوسف. وكان النبي يوسف عاده مازال هُناك. وتساقطوا كلهم قدامه وسجدوا له، فقال لهم النبي يوسف: "يارجال كنكم اه لقيتوا في انفسكم؟ ما انتو داريين اننا نعرف وين قلاسي المسروق؟" فقال يودا: "ياسيدي، نحنا ما نقدر ندافع عن انفسنا. الله قد فضحنا، ونحنا وإلي حصّلت القلاس معه خدم حقك." فقال النبي يوسف: "لا، آنا مستحيل نعمل هكذا، إلي حصّلنا القلاس معه هو يكون خادمي بس. وانتو روحو ورجعو لابوكم بالسلامة."
يودا يتوسل النبي يوسف
فقال يودا: ”ياسيدي، تسمح لي، بغيت با قول كل شي باصراحة قدامك. نعرف انك قوي كما فرعون نفسه، بس لا تزعل وتغضب عليّ. يا سيدي، نحنا، لما جينا أول مرة علشان نشتري بر، انت سألتنا عن أبونا وعن خونا الصغير. فقلنا لك: عندنا أبو كبير في السن، وعندنا أخو صغير وإسمه بنيامين خُلِق وأبونا شيبه كبير. وأخو بنيامين مات، فبنيامين الوحيد الذي بقي من أُمّه، وأبوه يحبّه كثير. بعدين قلت لنا: جيبوه علشان نشوفه بعيني. فقلنا لك ياسيدي : أبونا بايموت إذا بنيامين بيتركه. ولكن حذّرت نحنا وقلت: "إذا ماجبتو أخوكم الصغير معكم، مابتشوفون وجهي مرّة ثانيه." فرجعنا عند ابونا قلنا له على طلبك. لكن ابونا رفض بالقوة، لأنه خايف انه يمكن يصير شي له. ولما خلّصنا البر إلي اشتريناه وزاد الجوع، ابونا طلب مننا نرجع الى مصر علشان نشتري بر مرة ثانية. فقلنا له، نحنا ما نقدر نقابلك إذا ما كان خونا الصغير معنا. لكن انت عارف ليه رفض ابونا يرسل خونا الصغير معنا؟ لان حرمته إلّي يحبها أكثر، جابت له اثنين عيال. ولكن الأول ضاع، وابونا ما شافه لفترة طويله. ويعتقد انه ذئب كلاه. والثاني، بنيامين الصغير، ابونا يحبه وايد. لحد انه با يموت إذا ما رجع معنا لأن حياة أبونا مربوطه بهذا الولد، فنكون سبب لموت أبونا بحسرة وحزين وهو شيبه. وانا وعدت ابوي، إننا با رجّع بنيامين سالم لا عنده. وإذا ما رجعته، قلت لا بوي يحملنا اللوم طول حياتي. يا سيدي، انا من ذلحين خادمك. ارجوك، خلنا نتمي هُنا بديل بنيامين، وخله يروح مع اخوانه الى عند اهلي. أه من وجه با قابل ابوي إذا بنيامين ما هو معي؟ وما نقدر نتحمل منظر ابوي، وهو يموت قدامي من الحسرة على بنيامين.”
45
أعترف النبي يوسف بأنه أخوهم
ولما سمع النبي يوسف كلام يودا، ما قدر يتمالك نفسه قدام الخدم، فقال بصوت قوي، "ياخدم، أخرجو كلكم من هُنا!" فخرجو برع الغرفة. ولما كان ماحد عند النبي يوسف إلاّ أخوانه، قال لهم: "آنا يوسف!" وبكى النبي يوسف بصوت رافع، فسمعوه الخدم المصريين إلي خرجو من الغرفة. وانتشر الخبر الى قصر الملك. فقال لهم: "أنا يوسف، حقيقي ابوي عاده يعيش؟" فخافو أخوانه خوف كبير، حتى ماقدرو يردّون عليه. فقال لهم: "تعالو، قربو عندي." فقربو عنده. فقال لهم مرة ثانية: "آنا أخوكم يوسف إلّي بعتوه للتجار الرايحين إلى مصر. لا تخافون ولا تلومون انفسكم انكم عملتوا كذا. الله سبحانه وتعالى هو إلّي ساقنا إلى مصر قبلكم، علشان ينقذ حياه الناس من المجاعة. لذا ما هو انتو إلي سقتونا إلى هُنا. ألله سبحانه وتعالى هو إلي ساقنا علشان انقذكم وانقذ حياة الناس. وعبرت من المجاعة سنتين، وبقي لها خمس سنين. ما حد بايقدر يزرع المزارع في طول ذي المدة. وذلحين بغيتكم تروحون بسرعة عند ابوي، وقولوا له: "ولدك يوسف عيّنه الله سبحانه وتعالى حاكم على مصر. فتعال بسرعة ولا تتأخر. با تعيش قريب مني في احسن أرض في مصر مع اولادك واحفادك، بالاضافة الى الغنم والبقر حقك وكل شي معك. انا بهتم بكم هُنا في مصر. إذا ما جيت هُنا، انت وعيالك وحيواناتك با تموتون من الجوع." وانتو، يا اخواني، لا تشكّون فيّ. انا أخوكم يوسف حقيقي، كما تشوفونا انتو وأخوي بنيامين ذلحين. وقولو لابوي على النعمة إلي انا فيها في أرض مصر." فقام النبي يوسف وحضن أخوه بنيامين وجلسو يبكون. وبعدين شمشم اخوانه الباقين وبكى معهم، وجلسو كلهم يتكلمون مع بعض. وعندما سمع الملك فرعون وكل الوزراء والشرفاء في القصر ان اخوان النبي يوسف جاوا من أرض كنعان، فرحو كثير. وقال الملك فرعون للنبي يوسف: “يا يوسف، قل لأخوانك، شلّو بر ورجعو الى أرض كنعان. وشلّو أيضاً مركبات من مصر، وجيبو ابوكم وعوائلكم الى هُنا. وانا با عطيكم احسن أرض في مصر. ولا تهتمون على اي شي يبقى من ممتلكاتكم هُناك. أنا با عطيكم احسن الاشياء الموجودة في مصر." فعملو أولاد النبي يعقوب كما قال الملك فرعون. وعطاهم النبي يوسف مركبات واكل للطريق كما أمر الملك، وهدايا وايدة من عنده، خصوصاً ابوه وشقيقه بنيامين. عطى بنيامين خمسة ثياب فاخرة وثلاث مئة قطعة من الفضّة. وأيضاً عطى ابوه عشرة من االحمير، محملة من احسن الاشياء الموجودة في مصر، وعشرة حمير محمله بر واكل. ورحّل اخوانه وهو يقول لهم: "لا تزّاعلون في الطريق." فطلعو من أرض مصر الى أرض كنعان. ودخلو على سيدنا يعقوب أبوهم، وقالو له: "يا أبونا، يوسف عاده عايش! وهو ذلحين حاكم كبيرعلى مصر!" فكان ابوهم مستغرب من كلامهم وما صدقه من كثرة فرحة. لكن بعدما سمع كل كلام النبي يوسف منهم وشاف المركبات إلي أرسلها النبي يوسف علشان تحملوه اليه، أنتعشت روحه. فقال النبي يعقوب عليه السلام: "ذلحين يكفينا إن ولدي يوسف عاده عايش. ما بغيت شي من ذي الدنيا إلا نظره فيه قدام ما موت."
46
رحيل النبي يعقوب واسرته الى مصر
وسافر النبي يعقوب وكل أهله من أرض كنعان، وشلّو كل أملاكهم معهم. وفي طريقه يزع على منطقة بير السبع. وهُناك، قدّم اضاحي لله، آله أبوه إسحاق وفي الليل شاف النبي يعقوب في نومه رؤأيا، وكلمه الله سبحانه وتعالى، وقال له: "يعقوب، يعقوب." فقال النبي يعقوب، "لبيك!" فقال له،"آنا الله إلي عملت العهد مع أبوك إسحاق، لا تخاف أنك با تعيش في مصر. أنا با عمل منك أُمّة عظيمة هُناك. ومحضري بايطلع معك الى مصر. وبا تموت في مصر ويوسف عندك. وبعدين با رجّع ذريتك الى هُنا في أرض كنعان." وبعدين ركّبو أولاد النبي يعقوب أبوهم وأولادهم وزوجاتهم في المركبات إلي أرسلها الملك فرعون لنقله. وهكذا خرجو من بئر السبع. وشلّو معهم مواشيهم والممتلكاتهم من أرض كنعان. ورحل النبي يعقوب مع أولاده وأحفاده وبناته وحفيداته، شل كل نسله معه إلى مصر.
النبي يعقوب وأولاده
وهذه أسماء أولاده إلي رحلو إلى مصر. راوبين بكر النبي يعقوب. أولاد راوبين أربعه، وهم: حنوك وفلو وحاصر وكرمي. وأولاد شمعون سته، وهم: يموئيل ويامين وأوهد وياكين وصوحر وشأول إبن الكنعانية. وأولاد لاوي ثلاثه، وهم: جرشون وقهات ومراري. وأولاد يودا خمسه، وهم: عير وأونان وشيلة وفارص وزارح. ومات عير وأونان في أرض كنعان، وأما أولاد فارص أثنين، وهم: حاصر وحامول. وأولاد يساكر أربعه، وهم: تولاع وفوة ويوب وشمرون. وأولاد زبولون ثلاثه، وهم: سارد وأيلون وياحلئيل. هذيلا هم أولاد ليئة الذين ولدتهم للنبي يعقوب في أرض أرام، مع دينة بنته. فكان عدد أولاده وبناته وأولاد أولاده وأحفادهم من ليئة ثلاثة وثلاثين. وأولاد جاد سبعه، وهم: صفيون وحجي وشوني وأصبون وعيري وأرودي وأرئيلي. وأولاد أشير أربعه، وهم: يمنة ويشوة ويشوي وبريعة وأختهم سارح، وأما أولاد بريعة أثنين وهم: حابر وملكيئيل. هذيلا هم أولاد النبي يعقوب من زلفة إلّي أعطاها لابان لبنته ليئة، وعددهم ستة عشر. وأولاد راحيل زوجة النبي يعقوب أثنين وهم: النبي يوسف وبنيامين. وولد للنبي يوسف في مصر أثنين وهم: منسى وأفرايم من أسنات بنت فوطي فارع رجل مُتشفع في معبد مدينة أُون. وأولاد بنيامين عشرة وهم: بالع وباكر وشبيل وجيرا ونعمان وإيحي وروش ومفيم وصفديم وأرد. هذيلا هم أولاد راحيل وأولاد أولادها إلّي ولدتهم للنبي يعقوب، وعددهم أربعة عشر. ودان عنده إبن واحد وهو: حوشيم. وأولاد نفتالي أربعه وهم: يحصئيل وجوني ويصر وشليم. هذيلا هم أولاد النبي يعقوب وأولاد أولادهم من بلهة إلي أعطاها لابان لبنته راحيل وعددهم سبعة. فكان عدد إلي من صُلب النبي يعقوب الذين رحلو معه إلى مصر ستة وستين نفر ماعدا زوجات أولاده. مع الولدين إلي خُلِقو للنبي يوسف في مصر، فيكون عدد أفراد أسرة النبي يعقوب الذين رحلو إلى مصر سبعين نفر. وقبل ما يوصل النبي يعقوب واهله إلى جاسان ، أرسل ولده يودا قدامه ليطلب من يوسف ان يستقبلهم في جاسان. وراح النبي يوسف في مركبته واستقبلهم. وعندما تقابلوا، حضن النبي يوسف ابوه وبكى كثير كثير. فقال النبي يعقوب عليه السلام لولده النبي يوسف: "وسف، ولدي يوسف! الحمد لله، ما ذلحين ان شي موت يا حيابه، ما دامنا شفتك، يا ولدي." وبعدين قال النبي يوسف لأهله كلهم: “ياجماعه انا لازم نروح ونخبر الملك انكم وصلتوا هُنا. با قول له انكم أصحاب مواشي، وجبتوا كل ممتلكاتكم من كنعان. واكيد الملك بايسالكم وبايقول لكم: "اه شغلكم؟" قولو له: "نحنا أصحاب مواشي من زمان، وذي مهنتها الوراثية.” إذا قلتوا له كذا، با يخليكم تسكنون في جاسان، أحسن أرض في مصر، بعيد من المصريين." والنبي يوسف قال له كذا لان المصريين ما يحبون يعيشون مع الرعيان.
47
النبي يعقوب يُقابل الملك فرعون ويُباركه
وبعدين شل النبي يوسف خمسة من اخوانه الى عند الملك، وقال له: "ياسيدي الملك فرعون، أبوي وأخواني جاوا مع غنمهم وبقرهم وكل املاكهم من أرض كنعان، وذلحين هم في جاسان." وقدّمهم عند الملك فرعون. فقال لهم الملك: "أه تشتغلون انتو؟" فقالو: "يا مولانا فرعون، نحنا أصحاب مواشي من زمان، وذي مهنتها الوراثية. وجينا وتغربنا هُنا، لانه ما شئ مراعي لمواشي في أرض كنعان بسبب المجاعة. وذلحين نرجوك تخلي نحنا نسكن في جاسان." فقال الملك: "يا يوسف، من حسن حظك ان ابوك وأخوانك جاوا الى عندك. با خليهم يسكنون في اي مكان يختارونه من أرض مصر. ونقترح يسكنوا جاسان، احسن أرض في مصر. وانت اختار بعضهم ليهتموا بمواشيّ." وبعدين جاب النبي يوسف ابوه النبي يعقوب عليهم السلام وعرّفه بافرعون. وبارك النبي يعقوب الملك. وسأله الملك فرعون وقال له: "كم عمرك ياشيخ؟" فقال النبي يعقوب : "يا ملك، كانت حياتي كلها ترحّال ونكد، استمرت مئة وثلاثين سنة، ومقارنه سنين أبائي فهي قليلة." وبعدين بارك النبي يعقوب الملك فرعون مرّة ثانية وخرج من عنده. وخلّى النبي يوسف عليه السلام ابوه النبي يعقوب واخوانه واهلهم يستقرّون في جاسان، وهي منطقة رعمسيس كما قال فرعون. وكان سيدنا يوسف يموّنهم بكل ما يحتاجون، وزاد عدد بني يعقوب وتكاثرو في مصر. وعاش سيدنا يعقوب عليه السلام سبعة عشر سنة في مصر.
النبي يوسف والمجاعة
وإستمرت المجاعة، وأخيراً غلّق البر في مصر وكنعان. وأصبحو أهل مصر وكنعان حطاط ونحاف جداً بسبب المجاعة القوّيه. فجاو المصريين والكنعانيين لمان عند النبي يوسف وأشترو أكل منّه، فجمع النبي يوسف كل الأموال الموجودة في مصر وكنعان، وطرحهن في خزينة الملك فرعون. لما غلّقت أموال الناس، جاو كل المصريين لما النبي يوسف وقالوله: "ياسيدنا، خلّصت أموالنا. ولكن أرجوك عطي نحنا بر، علشان ما نموت." فقال لهم النبي يوسف: "إذا ما عندكم أموال، بابيع لكم أكل مُقابل مواشيكم." فجابو مواشيهم لمان عند النبي يوسف، فعطاهم أكل مُقابل الخيول والمواشي من الغنم والبقر والحمير. فأصبحت كل مواشي مصر حق الملك فرعون. ولما أنتهت السنة، جاو الناس عنده مرّة الثانية وقالوله: "ياسيدنا، نحنا نتكلم حقيقي، كل أموالنا غلّقت، ومواشينا أصبحت لك، ومابقي معنا غير أنفسنا وأراضينا، فأرجوك ساعد نحنا علشان مانموت. إذا عطيت نحنا أكل وبذور لنزرع، بانبيع أنفسنا وأراضينا للملك فرعون، ونكون عبيد له." فاشترى النبي يوسف للملك فرعون كل الأراضي في مصر، وخلّى كل الناس عبيد للملك فرعون إلا رجال الدين المُتشفعين. لأن المُتشفعين كانو يحصّلون دخل مُعيّن من الملك فرعون، فكانو مايحتاجون انهم يبيعون أراضيهم. بعدين قال النبي يوسف للناس: "إسمعو، أنا أشتريتكم أنتو، وأشتريت أراضيكم للملك فرعون، فشلّو البذور علشان تزرعون الأرض. وعندما تحصدون فلازم تعطون خمس الحصاد للملك فرعون، وتحتفظون بالأربعة الأخماس لتكون بذور للمزارع وأكل لكم." فقالوله: "أنته أنقذت حياتنا! ياريتك ترضى علينا ياسيدنا، ونكون عبيد للملك فرعون." فعمل النبي يوسف هذا قانون، فاستمر سنين طويلة في مصر، أن خمس المحصول يكون للملك فرعون إلاّ رجال الدين المُتشفعين. وسكنو أولاد النبي يعقوب في مصر في منطقة جاسان، وما أثّرت المجاعة عليهم. وكسبو فيها أموال وأملاك، وزادو وكثرت أعدادُهم جداً. وعاش النبي يعقوب في مصر سبع عشرة سنة، وبلغ من العمر مئة وسبعة وأربعين سنة. ولما قرب وقت وفاته، دعى ولده يوسف وقال له: "لي طلب عندك ياولدي. إحلف لي أنك بتعمل معي معروف وتُظهر لي الوفاء: "اسمع يايوسف، إذا مُتت شلّنا من مصر، فلا تدفنا في مصر أبداً، ولكن أدفنا مع آبائي في مقبرتهم في أرض كنعان." فقال النبي يوسف: "بعمل كما قلت لي يا أبوي." فقال له النبي يعقوب: "إحلف لي يايوسف احلف لي." فحلف له النبي يوسف، فسجد النبي يعقوب لله العظيم على رأس سريره.
48
منسّى وافرايم
وبعد فترة من الوقت سمع النبي يوسف إن أبوه يعقوب مريض جداً. فشل معه أولاده منسّى وأفرايم وراح لمان عند أبوه. ولما عرف النبي يعقوب بالخبر بأن ولده يوسف جاي عنده، قوّى نفسه وجلس على سريره. فقال النبي يعقوب: "يا ولدي يوسف، الله القدير كلّمنا في لوز في أرض كنعان وباركنا. وقال لي: ‘باجعلك مُثمر، وباكثّر نسلك، وباعمل منّك أقوام، وبعطي أرض كنعان لنسلك من بعدك مُلك الى الأبد. وكما تعرف ياولدي يوسف، لما رجعنا من أرض ما بين النهرين، أُمّك راحيل ماتت في أرض كنعان قبل ما نوصل بيت لحم. فدفنتها هُناك على جانب الطريق. وذلحين يايوسف، علشانك وعلشان أُمّك راحيل، فأولادك إلي خُلِقو في مصر قبل مانجي عندك هُنا يحسبون أولادي. فيكون أفرايم ومنسّى لي، وبايورث منّي كما راوبين وشمعون. ولكن إذا خُلِقو أولاد ثانيين بعدهم يكونون لك، وأرضهم إلي يرثونها تكون من أفرايم ومنسّى." وضعفن عيون النبي يعقوب، لأنه شيبه كبير، وشاف النبي يعقوب أولاد يوسف، فسأله: "من هذيلا؟" فقال له النبي يوسف: "هذيلا أولادي يا أبوي إلي رزقنا الله بهم هُنا في مصر." فقال له النبي يعقوب: "قرّبهم عندي علشان ندعو لهم." فقرّب له النبي يوسف أولاده فقبّلهم وحضنهم. وقال للنبي يوسف: "ماكنت نعتقد أننا باشوف وجهك يايوسف، ولكن الله القدير أنعم عليّ وشفتك أنته وعيالك أيضاً." بعدين شل النبي يوسف أولاده من عند أبوه، وانحنى ووجهه نحو الأرض. وشل النبي يوسف عياله الأثنين، فقرّب بكره منسّى عند أبوه ليطرح أبوه يده اليُمنى على رأسه، وقرُب أفرايم جنب أخوه ليطرح أبوه يده اليُسرى عليه. لكن قبل ما يدعولهم النبي يعقوب، خالف يديه مُتعمّد، فطرح يده اليُمنى على رأس أفرايم الولد الصغير، وطرح يده اليُسرى على منسّى البكر. وقال: "يارت الله القدير إلي عبدوه أبائي إبراهيم وإسحاق، يارت الله القدير إلّي رعانا وساعدنا طول حياتي، يارت الله القدير إلي أرسل ملاك وأنقذنا من كل شر، يحفظ هذيلا الولدين ويساعدهم، فما تنتهي أسمائهم في قبائل بني يعقوب، فيُسمّيان بأسمي وبأسم أبائي إبراهيم وإسحاق، ويكثر جداً نسلهم في الأرض." فلما شاف النبي يوسف أن أبوه طرح يده اليُمنى على رأس أفرايم الولد الصغير، مارضي. فمسك بيد أبوه اليُمنى لينقلها من رأس أفرايم إلى رأس منسّى، وقال: "لا يا أبوي، ذا هو البكر، طرح يمينك على رأسه." لكن النبي يعقوب رفض وقال: "أنا عارف يا ولدي، أنا عارف. منسّى أيضاً يكون قبيلة كبيرة. ولكن أخوه الصغير يكون أعظم منّه، ويكون نسله عدد من الأُمم." "فقبائل بني يعقوب تستخدم إسماء أفرايم ومنسّى لما يدعون ويُباركون بينهم بين ويقولون، "بارك الله فيكم كما بارك أفرايم ومنسّى" بعدين قال لولده يوسف: "قريب باموت يايوسف، ولكن الله القدير بايكون معكم وبايرجّعكم لمان أرض كنعان أرض الميعاد. وبعتبارك أنك فوق أخوانك، فإننا نعطيك منطقة شكيم الخصبة إلّي شلّيتها من الأموريين بسيفي وقوسي.
49
النبي يعقوب يُبارك أولاده
بعدين دعى النبي يعقوب أولاده الإثني عشر وقال لهم: "إلتفّو تحتي، علشان نخبركم بلّي بايحصل لكم في الأيام المُقبلة. إسمعو يا أولادي، اسمعو كلام أبوكم يعقوب. ياراوبين، أنته بكري وقوّتي وعاقل أخوانك، وأول ثِمار شبابي، لكن ماتقدر تكون رئيس على أخوانك لأنك تحدّيت أبوك ولطّخت فراشه وتجرّأت عليه، ونجّست بفعلتك سريره. ياشمعون ولاوي، أنتو عينين في رأس واحد، أنتو أصحاب العنف والقتل. ماندخل مجلسكم، ولا نجلس في خطط غدركم، لأنكم ارتكبتو جرمة القتل في غضبكم. فملعون غضبكم، لإنه عنيف وحقدكم شديد، لذا بافرّق ذريتكم في قبايل بني يعقوب. يايودا، بارك الله فيك، أخوانك يمدحونك ويشكرونك، وتكون عاقل أخوانك. لأنك تنتصر على أعدائك. أنته تكون قوي كما الأسد. فماحد يتجرّى عليك ويُقاومك، وماحد يقدر ينتزع سلطانك منّك، فملكك يستمر في ذريتك، فتُطيعك الأمم، لمان يجي الملك المنتظر، فتكون حياتك هنيئه مليانه رغد. يازبولون، أنته تسكن عند البحر، ويكون شاطئك ميناء للسفن، وتمتد أملاكك لمان صيدا. يايساكر، أنته خيل قوي، جالس في المزرعه. برغم انك تشوف مكان الراحه وأرض زينه، لاكنك باتحني ضهرك للحمول، وترضى بالعمل الشاق. يادان، أنته قبيلة إلّي تجيب العدل لبني يعقوب. أنته قبيله صغيرة، لكن بتعرف كيف تنتصر في حربك. أنا ماقف نجاتك يارب. ياجاد، أقوام باتهجم عليك، ولكن باتقاومهم وباتطردهم. يا أشير، أنته يكون أكلك دسم، أنت باتُقدّم الأكل الزين يصلح لسفرة الملك. يانفتالي، أنته غزالة مطلوقة أولادها زيان. يايوسف، أنته شجرة مُثمرة على عين ماء، فتسلّقت أغصانك الجدار. بايهجمون عليك الرماة بقوّة، بايطلقو السهام الوايده. لكن قوسك تكون ثابتة، وذراعك ويدك قوّيه، بفضل قوّة القدير إله يعقوب، وبفضل الراعي حامي بني يعقوب. وبفضل إله أبائك إلّي يُعينك ويساعدك، وبفضل الله القدير إلّي يُباركك ببركات المطر من فوق، وبركات ماء الأعماق من تحت الأرض، وبركات أولاد وغنم وايدة. بركات أبائك أعظم من بركات الجبال القديمة، لتنزل وتحل كل ذي البركات على رأس يوسف، لأنك أنته أمير أخوانك وسيّدهم. يابنيامين، أنته خبير الحرب، أنته تنتصر في الصباح، وفي الليل توزّع الغنايم." كل هذيلا هم قبايل بني يعقوب الأثني عشر. وذا هو كلام أبوهم لهم، لما قال لهم أخر كلام، كل واحد منهم كلام مُناسب له.
موت النبي يعقوب
وبعدين أوصاهم وقال: "قريب باروح إلى أسلافي، فدفنونا مع آبائي في المغارة إلّي اشتراها أبوي إبراهيم مع المزرعه من عفرون الحثي في أرض كنعان. فيها دُفن جدّي إبراهيم وجدتي سارة، وأبوي إسحاق وأُمي رفقة، وفيها دُفنت أُمّكم ليئة." وبعدما انتهى النبي يعقوب من توصية أولاده، سلّم روحه الى خالقها، وراح إلى أسلافه.
50
مأتم النبي يعقوب ودفنه
فحضن النبي يوسف أبوه وبكى عليه وايد. بعدين أمر النبي يوسف علشان يحنّطون جسم أبوه، فكمّلو تحنيطه لمُدّة أربعين يوم. واستمرو المصريين حزنيين على النبي يعقوب ثلاثين يوم، فيكون كله سبعين يوم. ولما انتهت أيام الحُزن، قال النبي يوسف لمستشارين الملك فرعون: "لي طلب عندكم، كلّمو الملك فرعون وقولو له: قبل مايموت أبوي، قال وصيّته، وهي أننا ندفنه في أرض كنعان. فاسمح لي أننا نروح إلى أرض كنعان، لندفن أبوي وبعدين نرجع." فقال الملك فرعون: "رح الى أرض كنعان ودفن أبوك كما وصّاك." فرحل النبي يوسف من مصر الى أرض كنعان ليدفن أبوه، مع اخوانه وأقربائه، وراحت معهم مركبات وايده وفرسان. فكان الموكب كبير جداً. ولما وصلو عند نهر الأردن، حزنو عليه حزن عظيم بحراره، وعمل النبي يوسف لأبوه جنازة سبعة أيام. فلما شافو الكنعانيين الساكنين الجنازة هُناك، قالو: "ذي جنازة كبيرة للمصريين." وسمّو ذا المكان، "جنازة المصريين" فهكذا عملو أولاد النبي يعقوب بوصيّة أبوهم. نقلوه من أرض مصر إلى أرض كنعان، ودفنوه في المغارة إلي إشتراها النبي إبراهيم. وبعدما دفن النبي يوسف أبوه النبي يعقوب عليهم السلام، رجع إلى مصر هو واخوانه وكل الناس إلي راحو معه لدفن أبوه.
موت النبي يوسف عليه السلام
وبعد فترة، قالو أخوان النبي يوسف بينهم لبين: "ذلحين أبونا مات، ولعل أخونا يوسف مازال يكره نحنا، ويفكر ينتقم منا على الامور إلّي عملناها فيه." فرسلوا رسالة الى النبي يوسف وقولو له: "يا أخونا يوسف، أبونا قبل ما يموت، قال لنا: لازم تتطلبون العفو من خوكم يوسف على الذنب الكبير إلي عملتوه فيه.’ وذلحين نحنا نرجوك، سامح نحنا على الذنب الكبير إلّي عملناه فيك. ونحنا نعبد اله ابوك يعقوب." وعندما سمع النبي يوسف عليه السلام ذا الكلام، جلس يبكي. وفي نفس الوقت جاوا أخوانه، وسجدو قدامه بحترام، وقالوا له: "يا اخونا يوسف، نحنا كلنا خدمك." فقال لهم: "لا تخافون، هل أنا مكان ألله؟ انتوا كنتوا قاصدين شر، لكن الله سبحانه وتعالى حوّله خير، علشان ينقذكم وينقذ كل الناس من الجوع. لا تخافون، آنا با اتكفل بمعيشتكم كلكم، إنتو وعيالكم." هاكذا اطمّنهم النبي يوسف وريّح قلوبهم. أما النبي يوسف فبقى ساكن في مصر هو وكل عائلة أبوه. وعاش النبي يوسف مئة وعشر سنين. وشاف الجيل الثالث من نسل أفرايم. وأيضاً شاف أولاد حفيده ماكير بن منسى. وبعد فترة، قبل ما يموت النبي يوسف عليه السلام، قال لأخوانه: "قرب موتي، لكن الله سبحانه وتعالى با يرعاكم، وبا يرجعكم الى أرض كنعان، إلّي وعد بها أبائنا ابراهيم واسحق ويعقوب. فأستحلفكم لله أن تشلوا عظامي معكم عندما ينقلكم الله سبحانه وتعالى لمان هُناك." وبعد هذه الوصية، مات الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، النبي يوسف إبن يعقوب إبن إسحاق إبن إبراهيم عليهم السلام، وهو ابن مئة وعشر سنة، فحنطوه وطرحوه في تابوت في مصر.